أخبار: إيران تُزوّد ​​روسيا بقاذفات صواريخ باليستية من طراز "فتح-360"

في تطور يُشير إلى تحالف استراتيجي مُتعمّق بين إيران وروسيا، أفادت تقارير أن إيران تُجهّز لتسليم قاذفات صواريخ باليستية تكتيكية من طراز "فتح-360" أرض-أرض إلى روسيا. تأتي هذه الخطوة في أعقاب سلسلة من عمليات نقل الأسلحة المُتصاعدة التي أعادت بالفعل تشكيل ديناميكيات ساحة المعركة في أوكرانيا.

في 9 مايو 2025، أكدت وكالة رويترز للأنباء الدولية أنه من المتوقع شحن صواريخ "فتح-360" الباليستية قصيرة المدى (SRBMs) إيرانية الصنع إلى روسيا في المستقبل القريب. تكمن أهمية هذا التسليم ليس فقط في قدرة هذه الأنظمة، ولكن أيضًا في التداعيات الاستراتيجية للتعاون العسكري المُتنامي بين البلدين في خضم الحرب الدائرة في أوكرانيا.

كثّفت إيران وروسيا تعاونهما العسكري على مدار العامين الماضيين. على الرغم من النفي السابق من كلا الطرفين، فقد أكدت الاستخبارات الغربية أن إيران قد زودت روسيا بالفعل بآلاف الطائرات بدون طيار، بما في ذلك ذخائر سلسلة شاهد المتسكعة وقذائف المدفعية. يمثل إدراج أنظمة الصواريخ الباليستية التكتيكية ترقية خطيرة في نطاق وقوة المساعدة الإيرانية. أدلى الجنرال في الجيش الأمريكي كريستوفر كافولي، قائد القيادة المركزية الأمريكية، بشهادته الشهر الماضي أمام الكونجرس بأن إيران تبرعت بأكثر من 400 صاروخ باليستي قصير المدى لروسيا.

وعلى الرغم من عدم الكشف عن الأنواع المحددة علنًا في ذلك الوقت، تشير المصادر الآن إلى أن نظام فتح 360 من بين الأنظمة التي تم تسليمها أو التي يجري إعدادها للنشر الوشيك. والجدير بالذكر أنه حتى الآن، لم تكن هناك تقارير عامة مؤكدة عن استخدام القوات الروسية لنظام فتح 360 أو دمجه في هيكلها التشغيلي... نظام فتح 360 هو نظام صاروخي باليستي تكتيكي قصير المدى عالي السرعة طورته منظمة الصناعات الجوية والفضائية الإيرانية. كُشف النقاب عن هذا الصاروخ عام ٢٠٢٢، ويمثل نقلة نوعية في فئة الصواريخ الباليستية قصيرة المدى الإيرانية، إذ يتميز بحجمه الصغير وسرعته ودقته العالية مقارنةً بالأنظمة القديمة مثل فاتح-١١٠.

وبمدى أقصى يُقدر بـ ١٢٠ كيلومترًا، وقدرته على حمل رأس حربي يصل وزنه إلى ١٥٠ كيلوجرامًا، صُمم صاروخ فتح ٣٦٠ للانتشار السريع، والاستهداف الدقيق، والاستفادة القصوى من ساحات المعارك. يعمل النظام بمحرك يعمل بالوقود الصلب، مما يُقلل من وقت التحضير مقارنةً بالصواريخ التي تعمل بالوقود السائل. كما أنه مزود بأنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية (GNSS) لتصحيح المسار، مما يوفر دقة مُحسّنة، وهو أمر بالغ الأهمية لضرب الأهداف التكتيكية مثل مواقع المدفعية، والمراكز اللوجستية، ومراكز القيادة.

يسمح نظام الإطلاق المعياري بالانتشار السريع من منصات عجلات متخصصة أو شاحنات تجارية مُعدّلة. وهذا يجعل صاروخ فتح ٣٦٠ عالي الحركة والتحمل، لا سيما في البيئات التي تُستخدم فيها أنظمة مضادة للبطاريات والصواريخ باستمرار، مثل أوكرانيا. في حال نشرها، يُمكن لروسيا دمج نظام "فتح 360" لضرب مواقع الخطوط الأمامية الأوكرانية بدقة عالية، مع تجنب مخاطر طول مدة التحضير وضعف الرؤية المرتبطة بالأنظمة الأكبر حجمًا مثل "إسكندر-إم". بفضل حركته واستجابته السريعة، يُمكن أن يصبح هذا النظام سلاحًا مثاليًا لتكتيكات "إطلاق النار والهروب"، لا سيما في الخطوط الأمامية سريعة التغير في دونباس وجنوب أوكرانيا.

سيكون النظام فعالًا بشكل خاص في إغراق الدفاعات الأوكرانية خلال العمليات الهجومية، واستهداف المواقع المحصنة، أو تدمير المراكز اللوجستية بالقرب من الجبهة. كما أن حجمه الصغير نسبيًا ومرونة منصة إطلاقه تعنيان إمكانية إخفائه بشكل أكثر فعالية عن الاستطلاع الجوي والتتبع عبر الأقمار الصناعية - على عكس الأنظمة الباليستية الأكثر تعقيدًا التي تستخدمها روسيا عادةً. علاوة على ذلك، فإن إضافة أنظمة "فتح 360" ستخفف الضغط على مخزون روسيا المتناقص من الصواريخ الباليستية المحلية، والتي استُخدم الكثير منها على نطاق واسع في الحملة التي استهدفت البنية التحتية الأوكرانية منذ بداية الحرب.

هذا التسليم المتوقع ليس مجرد عملية نقل أسلحة بسيطة - بل يعكس تناميًا كبيرًا لدور إيران في الصراع الأوكراني. إلى جانب الأسلحة، شاركت إيران في تدريب كوادر روسية على تشغيل هذه الأنظمة الصاروخية. وتشير التقارير إلى أن مدربين عسكريين إيرانيين استضافوا ضباطًا روسًا في طهران ووسط إيران طوال أواخر عام 2023، كجزء من برنامج أوسع لنقل التكنولوجيا. وقد ترسخت جذور هذا التعاون باتفاقية دفاعية وُقعت في ديسمبر 2023، والتي ورد أنها لا تشمل أنظمة الصواريخ فحسب، بل تشمل أيضًا الطائرات بدون طيار، وتقنيات المراقبة، ومكونات الحرب الإلكترونية. وتتعدد دوافع إيران: تعزيز تحالفها مع قوة عالمية، وتحدي النفوذ الغربي، وترسيخ مكانتها كمصدر رئيسي لتكنولوجيا الصواريخ المُجرّبة في ساحة المعركة.

إن لهذه المرحلة الجديدة من التعاون الروسي الإيراني تداعيات عميقة. فهي تُشكّل تحديًا لجهود الردع الغربية، وتُنذر بسباق تسلح جديد في المنطقة. وقد حذّرت واشنطن وحلف شمال الأطلسي (الناتو) بالفعل من عواقب وخيمة إذا استمرت إيران في عسكرة حرب روسيا في أوكرانيا. في غضون ذلك، تنظر إسرائيل ودول الخليج إلى القدرة التصديرية المتنامية لصناعة الصواريخ الإيرانية بقلق متزايد. على الصعيد الدبلوماسي، قد يُعرقل هذا التشابك العسكري المفاوضات الجارية بشأن البرنامج النووي الإيراني، ويُزيد من عزلة طهران عن القوى الغربية. وفي الوقت نفسه، قد يفتح الباب أمام تحالفات استراتيجية جديدة بين روسيا وإيران، ودول تسعى إلى تحدي البنية الأمنية الدولية الحالية.

يُمثّل التسليم المتوقع لقاذفات صواريخ "فتح 360" من إيران إلى روسيا تطورًا هامًا في البعد العسكري للصراع الأوكراني. فهو يُتيح لموسكو سلاحًا تكتيكيًا جديدًا لتعزيز عملياتها الميدانية، مع ترسيخ مكانة طهران كلاعب رئيسي في الحرب الدائرة. ومع احتمال وصول هذه الأسلحة إلى أوكرانيا، يستعد المجتمع الدولي لما يمكن أن يكون فصلاً جديداً أكثر خطورة في الصراع ــ فصل لا تتشكل ملامحه فقط من خلال الطموحات الروسية، بل وأيضاً من خلال القوة التصديرية العسكرية المتزايدة لإيران.