أخبار: إيران تعلن عن أول تجربة ناجحة لصاروخ باليستي عابر للقارات

صرح النائب الإيراني محسن زنكنة في 20 سبتمبر 2025، أن إيران أجرت بنجاح "تجربة أمنية" لصاروخ باليستي عابر للقارات، واصفًا إياه بأنه أحد أكثر أنظمة البلاد تطورًا ولم يسبق اختباره. وأعلن زنكنة عبر هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (IRIB) الرسمية، مضيفًا أن إيران لن تتخلى عن تخصيب اليورانيوم أو برنامجها الصاروخي حتى بعد الهجمات المتكررة على المنشآت النووية.

ووصف زنكنة التجربة بأنها دليل على أن إيران تحافظ على مسارها الاستراتيجي تحت الضغط، مؤكدًا نجاح إطلاق الصاروخ. وجاءت تصريحاته المتلفزة في الوقت الذي تداولت فيه وسائل إعلام إيرانية وأجنبية مقاطع فيديو تُظهر أجسامًا مضيئة في سماء طهران ومدن أخرى، والتي فُسِّرت على نطاق واسع على أنها مؤشرات على إطلاق صاروخ. ووفقًا لتقارير في 18 سبتمبر 2025، شوهدت مسارات دخان وضوء غامضة من طهران وغرغان وساري وسمنان ومناطق أخرى.

صوّر السكان أقواسًا في السماء انتشرت لاحقًا على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، بينما بثّت قناة "إيران إنترناشونال" المرتبطة بالمعارضة لقطات بدت وكأنها تُظهر نشاطًا مضادًا للطائرات بالقرب من كرج. وأكد المسؤولون المحليون في النهاية إجراء تجارب صاروخية، على الرغم من أن السلطات المركزية التزمت الصمت في البداية. في الوقت نفسه، أفادت وزارة الخارجية الإيرانية أن وزير الخارجية عباس عراقجي قد غادر إلى نيويورك لحضور افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة، مما يعكس مزاعم محلية سابقة بأنه مسافر إلى فيينا لإجراء محادثات أوروبية. حذرت بيانات الحرس الثوري التي أعقبت الاختبارات من أن أي خطأ في التقدير من قبل الخصوم سيُقابل برد "قاتل ومفيد"، واصفة الإطلاق كجزء من موقف ردع أوسع.

وربطت تفاصيل إضافية الاختبار بمدى صواريخ سمنان، الواقع على بُعد حوالي 219 كيلومترًا شرق طهران، وهو موقع يُستخدم منذ فترة طويلة لإطلاق الصواريخ والفضاء الإيراني. وصف شهود عيان عملية إطلاق ليلية مثيرة، دوّى فيها هديرٌ وظهر أثرٌ ساطعٌ في سماء الصحراء، بينما أظهرت مقاطع فيديو متعددة إطلاق ثلاثة صواريخ على الأقل في المنطقة، مما دفع بعض السكان إلى الاعتقاد بأن البلاد تشهد عمليات عسكرية نشطة. وقال بعض المحللين إن شكل الصاروخ وخصائص إطلاقه ربما تشبهان صاروخ "سجيل"، وهو نظام ثنائي المراحل يعمل بالوقود الصلب، ويصل مداه إلى 2500 كيلومتر، على الرغم من أن المشرعين وصفوا الحدث بأنه تجربة عابرة للقارات، مما يعني أن مداه يتجاوز 5500 كيلومتر. بل إن لقطات على وسائل التواصل الاجتماعي أشارت إلى أن أحد الصواريخ اصطدم بمدافع مضادة للصواريخ كجزء من مناورة تجريبية، على الرغم من عدم تقديم أي تأكيد رسمي. التزمت طهران الصمت بشأن نوع الصاروخ الذي تم اختباره، بما يتماشى مع نمط تعتيمها على التطورات العسكرية الحساسة.

يضم برنامج الصواريخ الإيراني بالفعل عائلة "خرمشهر"، التي تعود أصولها إلى تصميم "بي إم-25 موسودان" الكوري الشمالي. كُشف النقاب عن صاروخ خرمشهر-4، المعروف باسم خيبر، في مايو 2023 كنظام من الجيل الرابع بمدى 2000 كيلومتر، ورأس حربي وزنه 1500 كيلوغرام، وإمكانية تقليل وقت التحضير باستخدام وقود سائل قابل للتخزين. كما تميّز بتقنية تصحيح المسار المصممة لتحسين الدقة. تحوّل النقاش بعد إطلاق 18 سبتمبر إلى تقارير عن صاروخ خرمشهر-5 المُحتمل، والذي زعمت مصادر إيرانية أنه قادر على الوصول إلى مدى 12000 كيلومتر بسرعة نهائية تبلغ 16 ماخ، وهيكل طائرة يبلغ طوله حوالي 12 مترًا، ووزن إطلاق يتراوح بين 14 و15 طنًا، وحمولة تصل إلى طنين. يُلبي هذا الأداء معايير الصواريخ العابرة للقارات، على الرغم من عدم وجود بيانات فنية رسمية أو اختبارات مؤكدة تدعم هذه الادعاءات. كما أشار بعض المحللين إلى أعمال الدفع بالوقود الصلب في إيران، بما في ذلك محرك سلمان المزود بنظام التحكم في ناقل الدفع، كدليل محتمل على مزيد من التقدم.

بدأ برنامج الصواريخ الإيراني خلال الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي، عندما دفعت هجمات صواريخ سكود العراقية طهران إلى الحصول على صواريخها الخاصة من كوريا الشمالية وطلب المساعدة الصينية. وعلى مر العقود، توسع البرنامج ليشمل أنظمة فاتح قصيرة المدى، وصواريخ شهاب وغدر متوسطة المدى، ومنصة سجيل ذات المرحلتين العاملة بالوقود الصلب. كما روّجت طهران لـ"مدنها الصاروخية"، وهي منشآت تحت الأرض مصممة لحماية منصات الإطلاق وتحسين قدرتها على الصمود. وتشكل هذه الجهود، إلى جانب التصريحات العلنية حول الضربات الدقيقة، جزءًا من استراتيجية إيران طويلة المدى للردع والمنع. ويندرج إطلاق سبتمبر/أيلول 2025 في إطار هذا النمط، إذ يُعدّ بمثابة اختبار للتقدم التقني وإشارة سياسية للخصوم والجمهور المحلي، مع ترك العديد من التفاصيل غامضة عمدًا.

توجه الاهتمام مؤخرًا إلى برنامج الفضاء الإيراني. وخلص تقرير صادر عن وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية عام 2019 إلى أن مركبات الإطلاق الفضائية يمكن أن توفر منصة اختبار لتطوير الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. وقد سعت إيران إلى امتلاك مركبات إطلاق أقمار صناعية مثل "سيمرغ"، وجادل بعض المراقبين بأن إطلاق سبتمبر ربما كان مرتبطًا بمثل هذه البرامج. وأشار المحللون إلى أنه على الرغم من تحقيق طهران لقدرة إطلاق متعددة المراحل، إلا أنه لا يوجد حتى الآن دليل مؤكد على تطوير صاروخ باليستي عابر للقارات بالكامل، ولا تزال أنظمة الوقود السائل الكبيرة عرضة للخطر بسبب عمليات التزود بالوقود المطولة وظهورها للخصوم. ومع ذلك، أعربت الحكومات الغربية باستمرار عن قلقها من أن جهود إيران الفضائية ذات استخدام مزدوج وتساهم في أبحاث الصواريخ العابرة للقارات. من جانبها، تصر طهران على أن البرنامج سلمي ودفاعي.

وجادل مسؤولون إسرائيليون وغربيون بأن أي اتفاقيات جديدة مع إيران يجب أن تتضمن قيودًا على تطوير الصواريخ التي تتجاوز مداها المحدد بـ 300 ميل في نظام مراقبة تكنولوجيا الصواريخ. وأشارت الحكومات الأوروبية إلى احتمال وصول هذه الصواريخ إلى جنوب أو وسط أوروبا. رفضت طهران هذه المخاوف واعتبرتها ذات دوافع سياسية، مؤكدةً أن المفاوضات لا تزال مفتوحة، ولكن ليس بشأن القيود الصاروخية. انتهز البرلمانيون الإيرانيون هذه الفرصة للدعوة إلى إعادة تقييم عقيدة الدفاع. في 22 سبتمبر، وقّع سبعون نائبًا رسالةً إلى المجلس الأعلى للأمن القومي يطالبون فيها بمراجعة سياسة الأسلحة النووية. وصرح أحمد نادري، عضو هيئة الرئاسة، بأن الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، وتبني سياسة الغموض النووي، واختبار قنبلة ذرية، قد يكون السبيل الوحيد لضمان الأمن القومي.