تعزز الكويت أمنها الوطني ومكانتها الدفاعية الإقليمية من خلال تحديث رئيسي لأنظمة صواريخ الدفاع الجوي باتريوت، وهي مبادرة وافقت عليها مؤخرًا وزارة الخارجية الأمريكية. يُمثل برنامج التحديث الشامل هذا، الذي تبلغ قيمته حوالي 400 مليون دولار، خطوةً مهمةً في جهود الكويت المستمرة للحفاظ على شبكة دفاع جوي وصاروخي متينة ومتطورة تقنيًا. وقد أبلغت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأمريكية (DSCA) الكونغرس رسميًا بالصفقة المقترحة في 3 أبريل 2025، مما يُبرز استمرار التعاون الاستراتيجي بين البلدين.
يتضمن التحديث المُخطط له لنظام الدفاع الجوي باتريوت تحديث وإعادة اعتماد مخزون الكويت الحالي من صواريخ باتريوت PAC-2 المُحسّنة التوجيه (GEM) وباتريوت GEM-T (الصواريخ المُحسّنة التوجيه - التكتيكية). صُممت هذه التحسينات لتحسين الدقة والموثوقية والاستجابة لمجموعة من التهديدات الجوية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية التكتيكية، وصواريخ كروز، وأنظمة الطائرات بدون طيار (UAS) المتطورة بشكل متزايد. ومع تزايد تعقيد البيئة الأمنية الإقليمية، لا سيما في الخليج، تُعد هذه الترقيات ضرورية للحفاظ على الجاهزية التشغيلية وردع الخصوم المحتملين.
تشمل الحزمة المقترحة أكثر بكثير من مجرد ترقيات الصواريخ، فهي تشمل مجموعة واسعة من الدعم اللوجستي والفني والتدريبي الذي يهدف إلى دعم أنظمة الدفاع الجوي الكويتية على المدى الطويل. ويشمل ذلك صيانة الاستدامة، والأدوات المتخصصة ومعدات الاختبار، وقطع الغيار، ومجموعات التعديل، وبرامج التدريب، واختبار موثوقية المخزون، والدعم في الموقع من ممثلي الخدمة الميدانية الأمريكية والمقاولين. تضمن هذه القدرات بقاء الأنظمة جاهزة للمهام وفعالة تشغيليًا، مما يقلل من وقت التوقف ويضمن القدرة على الاستجابة السريعة.
على المستوى الصناعي، تم اختيار شركة RTX Corporation، ومقرها في ليتركيني، بنسلفانيا، كمتعاقد رئيسي للبرنامج. في إطار التزام الدعم طويل الأمد، يتوقع المشروع نشرًا دوريًا لما بين 5 و8 ممثلين للحكومة الأمريكية أو المتعاقدين معها في الكويت على مدى 15 إلى 20 عامًا قادمة للمساعدة في مهام الصيانة والاستدامة. ويؤكد هذا الوجود الممتد على الشراكة والثقة طويلتي الأمد بين الكويت والولايات المتحدة في قطاع الدفاع.
لطالما شكّلت العلاقة الدفاعية بين الكويت والولايات المتحدة حجر الزاوية في التعاون الأمني في منطقة الخليج لعقود. وبعد تحرير الكويت عام 1991، توطدت العلاقات العسكرية بين البلدين، حيث أصبحت الكويت حليفًا رئيسيًا من خارج حلف الناتو ومركزًا لوجستيًا حيويًا للعمليات الأمريكية في الشرق الأوسط. وتحافظ الولايات المتحدة على عمليات نشر دورية واتفاقيات تعاون عسكري مع الكويت، التي دأبت على الاستثمار في تقنيات الدفاع الأمريكية لتحديث قواتها المسلحة وضمان التوافق التشغيلي مع القوات الأمريكية وقوات حلفائها.
من منظور استراتيجي، يُرسل استثمار الكويت في قدرات الدفاع الصاروخي المتقدمة إشارة قوية حول التزامها بالسيادة الوطنية والأمن الإقليمي. في منطقةٍ تشهد تهديداتٍ صاروخيةً متزايدة من جهاتٍ حكوميةٍ وغير حكومية، تُعدّ القدرة على كشف التهديدات الجوية واعتراضها وتحييدها ضرورةً عسكريةً فحسب، بل ضرورةً استراتيجيةً أيضًا. بالنسبة للكويت، يُعدّ تعزيز دفاعها الجوي أمرًا حيويًا ليس فقط لحماية سكانها وبنيتها التحتية الحيوية، بل أيضًا للمساهمة في استقرار مجلس التعاون الخليجي على نطاقٍ أوسع.
باختصار، فإنّ ترقية صواريخ باتريوت المُعتمدة بقيمة 400 مليون دولار أمريكي تُعدّ أكثر من مجرد صفقةٍ دفاعية، بل هي مبادرةٌ استراتيجيةٌ تُعزز قدرات الدفاع الوطني الكويتية، وتُعزز الردع الإقليمي، وتُعيد تأكيد الشراكة الراسخة بين الكويت والولايات المتحدة. ومع وجود أنظمة دفاع جوي متطورة، تُصبح الكويت في وضعٍ أفضل لمواجهة التهديدات المستقبلية، ومواصلة لعب دورٍ رئيسي في هيكل الأمن الجماعي لمنطقة الخليج.