أعلن وو تشيان، المتحدث باسم وزارة الدفاع الوطني الصينية، أن التجارب على حاملة الطائرات فوجيان تسير كما هو مخطط لها. وأكد أن المزيد من الاختبارات ستتبع مع الوصول إلى مراحل مهمة في البناء، وفقًا للمعلومات التي نشرتها وزارة الدفاع الصينية في 13 ديسمبر 2024.
تمثل فوجيان قفزة تحويلية في القدرات البحرية الصينية، وتجسد طموح البلاد لتصبح قوة بحرية مهيمنة. وباعتبارها حاملة الطائرات الثالثة والأكثر تقدمًا في أسطول الصين، فإنها تمثل انحرافًا عن التصميمات السابقة المتأثرة بشدة بالنماذج السوفيتية، وتعرض نهجًا محليًا للهندسة البحرية. سميت على اسم مقاطعة فوجيان الساحلية الجنوبية الشرقية، والتي تواجه تايوان عبر المضيق، وترمز حاملة الطائرات إلى الأهداف الاستراتيجية الأوسع للصين، بما في ذلك تأمين حدودها البحرية وإبراز القوة على نطاق عالمي.
تم إطلاق فوجيان في يونيو 2022، وهي أكبر حاملة طائرات وأكثرها تطوراً بنتها الصين حتى الآن، بإزاحة تبلغ حوالي 80 ألف طن. حجمها الهائل وميزاتها المتقدمة تضعها في فئة مماثلة لحاملات الطائرات العملاقة التابعة للبحرية الأمريكية، وهي شهادة على التقدم السريع لصناعة بناء السفن في الصين. على عكس سابقاتها، لياونينج وشاندونغ، والتي تعتمد على منحدرات القفز التزلجي لإطلاق الطائرات، فإن فوجيان مجهزة بنظام إطلاق المنجنيق الكهرومغناطيسي. تمثل هذه التكنولوجيا، على غرار نظام إطلاق الطائرات الكهرومغناطيسي (EMALS) التابع للبحرية الأمريكية، قفزة كبيرة إلى الأمام. يسمح النظام بإطلاق طائرات أثقل وأكثر تنوعًا، بما في ذلك طائرات الإنذار المبكر ومنصات الحرب الإلكترونية والمركبات الجوية بدون طيار، وبالتالي تعزيز تنوع حاملة الطائرات.
سطح طيران فوجيان مسطح وواسع، خالٍ من منحدر القفز التزلجي المميز لحاملات الطائرات الصينية السابقة. يسمح هذا التغيير في التصميم بعمليات أكثر كفاءة، مما يتيح معدلات طلعات أعلى واستيعاب مجموعة أوسع من الطائرات. كما يقلل دمج نظام المنجنيق المتقدم من الضغط على الطائرات المقاتلة القائمة على حاملات الطائرات أثناء الإقلاع، مما يوسع نطاقها وسعتها للحمولة. تعمل هذه الميزات مجتمعة على تعزيز دور حاملة الطائرات كأصل استراتيجي قادر على إسقاط القوة إلى ما هو أبعد من المحيط المباشر للصين.
وبصرف النظر عن عمليات الطيران، تم تجهيز فوجيان بأحدث أنظمة الرادار والقتال، مما يعكس تركيز الصين على الحرب التي تركز على الشبكة. تم تصميم مجموعة الرادار المتقدمة، القادرة على الأرجح على اكتشاف التهديدات الجوية والبحرية، للتكامل بسلاسة مع الأصول البحرية الأخرى، مما يتيح عمليات منسقة متعددة المجالات. يُعتقد أن أنظمة القيادة والتحكم في السفينة تتضمن الذكاء الاصطناعي وتقنيات دمج البيانات، مما يزيد من تبسيط عمليات صنع القرار في سيناريوهات القتال المعقدة.
كان بناء فوجيان مسعى ضخمًا، تم الانتهاء منه في حوض بناء السفن جيانجنان في شنغهاي، وهي منشأة مشهورة بقدراتها المتطورة في بناء السفن. وقد تضمن تجميع حاملة الطائرات تقدماً كبيراً في اللحام والبناء المعياري وغير ذلك من التقنيات الصناعية، الأمر الذي يؤكد قدرة الصين على المنافسة مع القوى البحرية العالمية. كما يسلط إطلاقها الضوء على الاعتماد المتزايد على الذات لصناعة الدفاع في الصين، حيث يُعتقد أن المكونات الرئيسية للحاملة، بما في ذلك نظام المنجنيق الخاص بها، تم تطويرها محلياً.
من الناحية الاستراتيجية، تلعب حاملة الطائرات فوجيان دوراً حاسماً في حملة التحديث العسكري الأوسع نطاقاً في الصين، والتي تهدف إلى تحويل بحرية جيش التحرير الشعبي إلى قوة بحرية قادرة على العمل بعيداً عن المياه الإقليمية. ومن المتوقع أن تعمل حاملة الطائرات في المقام الأول في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث ستدعم المطالبات الإقليمية للصين، وتأمين الممرات البحرية الحيوية، وموازنة وجود القوى البحرية الكبرى الأخرى. وتجعل قدراتها منها أداة رئيسية لإبراز القوة، مما يسمح للصين بتأكيد مصالحها في المناطق المتنازع عليها مثل بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان.
ومع ذلك، فإن ظهور حاملة الطائرات فوجيان يثير أيضاً تداعيات جيوسياسية كبيرة. وقد أدت ميزاتها المتقدمة ودورها المحتمل في العمليات العسكرية إلى زيادة المخاوف بين القوى الإقليمية والمجتمع الدولي. وقد يؤدي وجود حاملة الطائرات في مناطق بحرية حساسة إلى تفاقم التوترات، وخاصة مع الدول التي تنظر إلى القوة البحرية المتنامية للصين باعتبارها تهديدًا للاستقرار الإقليمي. وردًا على ذلك، كثفت الدول المجاورة، بما في ذلك اليابان والهند وأستراليا، جهودها في تحديث أسطولها البحري، مما ساهم في سباق التسلح في المنطقة.