في الدورة الثانية عشرة من معرض "ميلكس 2025" الدولي للمعدات الدفاعية والعسكرية في مينسك، استعرضت روسيا الاتحادية تقدمًا ملحوظًا في تطوير مركبة المشاة القتالية الجديدة "كورغانيتس-25". تُعتبر هذه المنصة المجنزرة من الجيل الجديد، والمُصنفة كعربة مشاة قتالية (BMP) (بويفايا ماشينا بيكهوتي) ضمن تصنيف شركة "روستيخ" الحكومية، مشروعًا رئيسيًا ضمن خطة تحديث القوات البرية الروسية. ووفقًا لممثل من شركة "هاي-بريسيجن سيستمز" القابضة، نقلًا عن وكالة الأنباء الروسية "تاس"، فإن التجارب الأولية للعربة على وشك الانتهاء، حيث تم استيفاء معظم المتطلبات الفنية لوزارة الدفاع.
تُمثل "كورغانيتس-25" نقلة نوعية عن الأجيال السابقة من مركبات المشاة القتالية الروسية، التي عُرفت بحجمها الصغير وسهولة حركتها، ولكنها لم تُوفر حماية كافية، كما هو الحال في عربتي "بي إم بي-1" و"بي إم بي-2". أبرزت الدروس المستفادة من النزاعات الأخيرة، لا سيما في سوريا وأوكرانيا، ضعف المنصات القديمة في مواجهة الأسلحة الحديثة المضادة للدبابات. واستجابةً لذلك، طُوِّرت مركبة كورغانيتس-25 في إطار تحوّل عقائدي أوسع نطاقًا يهدف إلى تزويد الوحدات الآلية بمركبات أكثر مرونةً وقابليةً للتكيّف مع الظروف، ومتكاملة رقميًا. ويهدف هذا التطور إلى تحسين القدرة على البقاء والتواصل التكتيكي في سيناريوهات الحرب عالية الكثافة وغير المتكافئة.
تُطوَّر المركبة من قِبل شركة كورغانيمسافود، وهي شركة تابعة لشركة أنظمة الدقة العالية، لتحل تدريجيًا محل وحدات مركبات القتال المشاة الحالية. وقد عُرضت لأول مرة خلف أبواب مغلقة في معرض الأسلحة الروسية لعام 2013، ثم عُرضت للجمهور خلال عرض يوم النصر في 9 مايو 2015. تتميز كورغانيتس-25 بتصميم لم يسبق له مثيل في أسطول المدرعات الروسي. فهي مبنية على هيكل مجنزر يبلغ طوله 7.2 متر، وعرضه 3.2 متر، وارتفاعه 2.3 متر، ويسمح تصميمها الأكبر بمساحة داخلية أكبر وحماية مُحسَّنة. محرك الديزل، الذي يُقدر أن يولد ما بين 800 و850 حصانًا، مُثبت في الأمام الأيمن، ويُمكّن من الوصول إلى سرعة قصوى تبلغ 80 كم/ساعة على الطرق. المركبة برمائية بالكامل، تعمل في الماء بواسطة محركين نفاثين يقعان في الخلف. قبل دخول الماء، يُرفع عاكس أمامي وتُفعّل مضخات الصابورة، مما يوفر سرعة مائية تصل إلى 10 كم/ساعة.
أما من حيث التسليح، فقد جُهزت كورغانيتس-25 ببرج Bumerang-BM الذي يتم التحكم فيه عن بُعد، والمُثبت في منتصف الهيكل. يتضمن هذا البرج غير المأهول مدفعًا آليًا 2A42 عيار 30 مم، ومدفعًا رشاشًا محوريًا PKT عيار 7.62 مم، وأربع قاذفات صواريخ موجهة مضادة للدبابات من طراز Kornet-EM. يوفر نظام الصواريخ مدىً مُعلنًا يصل إلى 5500 متر، ويستخدم وضع "أطلق وانسى" عبر تتبع الهدف تلقائيًا، مما يسمح بالاشتباك المتزامن أو المباشر مع أنظمة الحماية النشطة. يتمتع كلٌّ من المدفعي والقائد بإمكانية الوصول إلى أدوات التحكم بالأسلحة، مما يضمن كفاءة تشغيلية عالية.
حماية المركبة معيارية، وتعتمد على هيكل درع متعدد الطبقات مع أطقم اختيارية يمكن تركيبها وفقًا لمتطلبات المهمة. الجوانب مُجهزة بدروع سلبية، ويمكن تجهيز مناطق مثل أعلى البرج ومقدمته بدروع تفاعلية. كما ورد أن كورغانيتس-25 مصممة لدمج نظام الحماية النشط الروسي "أفغانيت"، والذي يتضمن أجهزة استقبال تحذير بالليزر، وأجهزة استشعار لكشف التهديدات، وأنابيب إطلاق مضادة حول البرج. في حين أن الأداء الفعلي لنظام "أفغانيت" في القتال لم يُختبر بعد، فإن تضمينه يعكس الجهود الروسية الحالية لتعزيز قدرة المركبة على الصمود في وجه التهديدات الحديثة.
داخليًا، تتسع المقصورة الخلفية لما يصل إلى ستة جنود مشاة، بالإضافة إلى الطاقم المكون من ثلاثة أفراد (السائق، والقائد، والمدفعي). يتم الوصول إليها عبر منحدر خلفي يعمل هيدروليكيًا مزود بباب مركزي. الجزء الداخلي مُجهز بكاميرات بانورامية متعددة، توفر مجال رؤية بزاوية 360 درجة، بالإضافة إلى نظام إدارة قتالي يتضمن جهاز تحديد مدى ليزري، وجهاز تصوير حراري، ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، ونظام ملاحة بالقصور الذاتي. يُتيح نظام التحكم في إطلاق النار بمساعدة الحاسوب تحديد الأهداف بشكل شبه آلي. تُطابق هذه الميزات مركبة كورغانيتس-25 معايير مركبات المشاة القتالية الغربية من حيث رقمنة ساحة المعركة، على الرغم من عدم وجود تقييمات مستقلة تؤكد أداءها في ظروف الحرب الإلكترونية أو التشويش.
يُقال إن التجارب الأولية المذكورة في معرض ميلكس قد غطت مجالات أداء رئيسية، بما في ذلك القدرة على الحركة عبر تضاريس متنوعة، وإطلاق النار أثناء الحركة، ومقاومة الإصابات المباشرة، والمرونة في الظروف الجوية القاسية. ورغم وصف النتائج المعروضة بالإيجابية، إلا أنه ينبغي تفسيرها بحذر نظرًا لنقص التقارير الفنية المفصلة أو البيانات التشغيلية من بيئات القتال المباشر. وستكون التجارب الحكومية ضرورية لتقييم إمكانية دمج المركبة فعليًا ضمن الوحدات الميكانيكية الروسية.
بدأ برنامج كورغانيتس-25 في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وشهد تأخيرات متعددة تُعزى إلى تحديات صناعية وتقنية ومالية. وعلى الرغم من ظهوره لأول مرة بتغطية إعلامية واسعة في العرض العسكري لعام 2015، لم تدخل المركبة بعد مرحلة الإنتاج الضخم، مما أثار شكوك بعض المحللين الدوليين. وقد شككت منافذ إعلامية مثل مدونة الدفاع في النضج التكنولوجي للمنصة، وجدوى إنتاجها، وما إذا كان من الممكن استدامتها لوجستيًا على مستوى القوات المسلحة الروسية.
مع ذلك، يؤكد حضور المركبة في معرض ميلكس 2025 عزم الصناعة الروسية على مواصلة تطوير كورغانيتس-25 كمنصة أساسية لعائلة أوسع من المركبات المدرعة. فبالإضافة إلى نسخة BMP القياسية، يُقال إنه من المخطط إطلاق تكوينات أخرى، مثل مركبات مراكز القيادة، ونسخ الاستطلاع، وسيارات الإسعاف المدرعة، ووحدات الدعم الناري. وقد تُدمج كورغانيتس-25 في نهاية المطاف في مجموعة من المنصات إلى جانب أرماتا الثقيلة وبوميرانج ذات العجلات، وجميعها مُطورة في إطار استراتيجية تُركز على قابلية التشغيل البيني والتركيبية.
في حين أن نهاية الاختبارات الأولية تُمثل خطوة إلى الأمام في تطوير كورغانيتس-25، إلا أنه لا تزال هناك العديد من الشكوك بشأن الجدول الزمني لإنتاجها، ومرونتها الفعلية في ساحة المعركة، وتكلفتها التشغيلية. ومع ذلك، يبدو أن المركبة تُلبي المتطلبات الأساسية لمركبات المشاة القتالية الحديثة: حماية مُعززة، وتكامل الأنظمة الرقمية، والقدرة على التكيف، والاستعداد للعمليات الشبكية. وستكون التجارب الحكومية المقبلة حاسمة في تحديد دورها المستقبلي في القوات المسلحة الروسية وجاذبيتها المحتملة للمشترين الدوليين، في وقت تكتسب فيه المركبات المدرعة من الجيل التالي أهمية استراتيجية متجددة.