في 15 أبريل 2024، نجحت أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية في اعتراض غالبية أكثر من 300 صاروخ وطائرة بدون طيار أطلقتها إيران. وعلى الرغم من الاستعداد العملياتي العالي للدفاعات الإسرائيلية لمواجهة هذا الحجم الكبير من الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية، إلا أن العبء المالي للدفاع كان كبيرا. ولعب الدعم من الحلفاء، وخاصة الولايات المتحدة، دورًا حاسمًا في جهود الاعتراض. ومع ذلك، فإن الأضرار التي لحقت بقاعدة نيفاتيم الجوية يمكن أن تسلط الضوء على احتمال تشبع أنظمة الدفاع الجوي.
يتم تنظيم الدفاع الجوي الإسرائيلي على مستويات متعددة، وهو مجهز للتعامل مع التهديدات من الصواريخ قصيرة المدى إلى الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، ويدمج التعاون الدولي والتطورات التكنولوجية المحلية. وتشمل الأنظمة الرئيسية القبة الحديدية، المصممة لمواجهة التهديدات قصيرة المدى؛ "مقلاع داود" للتهديدات المتوسطة والبعيدة المدى بما في ذلك الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز؛ وأنظمة Arrow 2 وArrow 3، التي تستهدف الصواريخ الباليستية في مراحل مختلفة من مسارها، والتي تم استخدامها بكثافة خلال الهجوم الإيراني. ويلعب نظام باراك-8 أيضًا دورًا حيويًا في اعتراض التهديدات الجوية والصاروخية حتى مسافة 150 كيلومترًا.
وبينما توفر أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية الأمن الكافي، فإن تكلفة هذا الدفاع كبيرة مقارنة بتكلفة الهجوم. تشير التقديرات إلى أن إيران أنفقت ما يقرب من 49.15 مليون دولار على هجومها، والذي يشمل تكلفة 170 طائرة بدون طيار من طراز شاهد بقيمة حوالي 35 ألف دولار لكل منها، و30 صاروخ كروز بقيمة مليون دولار لكل منها، و120 صاروخًا باليستيًا بقيمة 110 آلاف دولار لكل منها. ومع ذلك، فإن هذا أقل بسبع مرات من مبلغ 345 مليون دولار الذي أنفقته إسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة والأردن لمواجهة الطائرات بدون طيار والصواريخ التي تطلقها طهران.
وتقدر وسائل الإعلام الإسرائيلية أن تكلفة الاعتراضات قد تصل إلى 1.35 مليار دولار، وتغطي فقط اعتراض المقذوفات التي تطلقها إيران، ولا تشمل الأضرار الهامشية. كما أن تكاليف وحدة الصواريخ المستخدمة في عمليات الاعتراض هذه كبيرة أيضًا. تبلغ تكلفة صاروخ "السهم"، المستخدم لاعتراض صاروخ باليستي إيراني، 3 ملايين دولار، بينما تبلغ تكلفة صاروخ "العصا السحرية" - المعروف أيضًا باسم "مقلاع داود" - مليون دولار. وتشمل هذه التكاليف الطلعات الجوية التي شاركت في اعتراض الطائرات بدون طيار الإيرانية.
وسلط معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) الضوء على رقم 560 مليون دولار. ويمثل هذا الرقم النفقات المتعلقة باعتراض نصف الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية، بما في ذلك استخدام نظام الدفاع الجوي "مقلاع داود"، وتكلفة إبقاء 100 طائرة حربية إسرائيلية في الجو لمدة ست ساعات، وتغطية الوقود والتسليح. ومع تدمير الولايات المتحدة 80 طائرة بدون طيار وما لا يقل عن 6 صواريخ باليستية، يبدو أنها ساهمت مالياً بقدر ما ساهمت به إسرائيل.
لكن هذا الرقم المحسوب لا يشمل إلا الأسلحة المستخدمة لاعتراض المقذوفات الإيرانية وتكلفة تشغيل الطائرات المقاتلة الإسرائيلية والأمريكية والفرنسية والبريطانية والأردنية، بناءً على النماذج التي تستخدمها القوات المسلحة المختلفة. الرقم الأكثر دقة سيشمل عدد الأفراد والبنية التحتية والمواد المحددة التي تم تعبئتها للرد على الهجوم الإيراني. ومن شأن احتساب التكلفة المرتبطة بنشر سفينتين أمريكيتين في شرق البحر الأبيض المتوسط (USS Arleigh Burke وUSS Carney) أن يزيد الرقم النهائي بشكل كبير.
إذا كانت تكلفة المقذوفات المستخدمة لاعتراض الطائرات بدون طيار والصواريخ الإيرانية تختلف بشكل كبير، فإن هذه الحسابات تكشف عن شيء ثابت: على الرغم من ادعاء تدمير 99٪ من المقذوفات، فإن مثل هذا الهجوم الضخم مستدام نسبيا من الناحية المالية، في حين أن التكلفة الدفاعية مرتفعة للغاية. على الرغم من أن نظام باتريوت قد تقدم ما يكفي من التكنولوجيا لاعتراض صاروخ باليستي بسهولة نسبية، فإن تكلفة الصاروخ تزيد في المتوسط 40 مرة عن تكلفة القذيفة.
يثير الهجوم الضخم الذي شنته إيران ضد إسرائيل القضية الحاسمة المتمثلة في تشبع أنظمة الدفاع الجوي. ومن خلال نشر عدد كبير من المقذوفات في الوقت نفسه، فإن الهدف واضح: التغلب على القدرات الدفاعية للخصم، حتى الأكثر تقدمًا، لزيادة احتمال وصول بعض الأجهزة على الأقل إلى أهدافها. لا يختبر تكتيك التشبع هذا قدرة الاستجابة السريعة لأنظمة مثل القبة الحديدية ومقلاع داود وأنظمة السهم فحسب، بل يختبر أيضًا قدرتها على التحمل وقدرتها على التعامل مع حجم كبير من التهديدات المتزامنة.
إن قوة وفعالية شبكات الدفاع الجوي الإسرائيلية أمر بالغ الأهمية في مواجهة مثل هذه الهجمات. ويهدف تصميمها متعدد الطبقات خصيصًا إلى مواجهة أنواع مختلفة من التهديدات على ارتفاعات وسرعات مختلفة، مما يوفر طبقة إضافية من الأمان. ومع ذلك، فإن التهديد المستمر بالتشبع بالقذائف المتعددة يشكل تحديًا دائمًا، ويتطلب تحديثات مستمرة للتقنيات والاستراتيجيات الدفاعية لتحسين اكتشاف وتتبع واعتراض أهداف متعددة في ظل ظروف الكثافة العالية. إن اعتراض جميع الصواريخ والطائرات بدون طيار التي تم إطلاقها أمر معقد، كما يتضح من الأضرار التي لحقت بقاعدة نيفاتيم الجوية.
علاوة على ذلك، من المهم أن نأخذ في الاعتبار القدرات المحدودة لإيران. وبينما يبدو أنه تم تدمير جميع الطائرات بدون طيار البالغ عددها 170 وصواريخ كروز الثلاثين بالقرب من المجال الجوي الإسرائيلي أو داخله، ذكر المسؤولون الأمريكيون أن نصف الصواريخ الباليستية الإيرانية البالغ عددها 120 "لم يتم إطلاقها أو تحطمها أثناء الطيران قبل الوصول إلى هدفها".