فنزويلا أطلقت واحدة من أكبر المناورات العسكرية التي شهدتها البلاد منذ سنوات، حيث أعلنت قناة تيليسور الحكومية بتاريخ 13 نوفمبر 2025 عن تعبئة نحو 200 ألف جندي في مختلف أنحاء البلاد. وأظهرت لقطات حديثة الاستخدام المكثف لتقنيات دفاع جوي روسية متطورة، مثل المدفع الثنائي ZU-23-2 ونظام صواريخ الدفاع الجوي قصيرة المدى TOR-M2E، ما يُضيف قدراً كبيراً من الفعالية والمرونة إلى شبكة الدفاع الجوي الفنزويلية متعددة المستويات. وبينما تقول كاراكاس إن المناورات دفاعية، إلا أن حجم وقدرات الأنظمة الدفاعية المستخدمة قد تُثير انتباه القوات الأمريكية العاملة في منطقة البحر الكاريبي وما يحيط بها.
الصور والمقاطع المنشورة خلال التدريبات تُبرز ليس فقط مدى التعبئة الواسعة للقوات، بل أيضاً الاعتماد المتزايد لفنزويلا على التكنولوجيا الروسية لتعزيز موقعها الاستراتيجي. رغم شح المعلومات الرسمية من جهات فنزويلية، فإن المقاطع المصوّرة تُظهر توزيعاً دقيقاً ومنسّقاً للعناصر البشرية والمعدات العسكرية ذات القيمة العالية في جميع أنحاء البلاد.
إذا تأكدت صحة هذه التعبئة الجماعية لنحو 200 ألف جندي، فسوف تمثل أكبر مناورة عسكرية شاملة لفنزويلا منذ أكثر من عشرين عاماً، وتعكس تحولاً واضحاً من التدريبات المُقتصرة على الوحدات الصغيرة إلى استعداد قتالي شامل ومتكامل. يُلاحظ أيضاً أن توقيت المناورات يتزامن مع العمليات البحرية الأمريكية الأخيرة في منطقة البحر الكاريبي، الهادفة إلى تفكيك شبكات تهريب المخدرات الدولية. وهذا ما قد يلمّح إلى أن التدريبات هي استعراض للقوة الفنزويلية وتأكيد جاهزية البلاد أمام أي تهديد محتمل قرب حدودها البحرية.
التقنيات الروسية التي ظهرت في المناورات تُبرز تطور الأنظمة الدفاعية المستخدمة. مدفع ZU-23-2 بنسخته المُحدثة أصبح مجهزاً بأحدث أنظمة التحكم البصري والراداري في النيران، ومحركات كهربائية تعزز سرعة التصويب، إضافة إلى دمج إلكتروني يجعل النظام متوافقاً مع منصات الدفاع المتنقلة للدولة. هذا التحديث يقدم للمدفع الذي يعود إلى ستينيات القرن الماضي مواصفات حديثة تجعله قادراً على التصدي للتهديدات الجوية منخفضة الارتفاع مثل الطائرات بدون طيار والمروحيات في مسافات قريبة. وبفضل تركيبه على شاحنات تكتيكية ذات دفع رباعي أو سداسي، ازدادت قابلية النظام للحركة والبقاء في بيئات العمليات.
أما نظام صواريخ TOR-M2E، الذي يُمثل أحدث إصدارات روسيا للتصدير، فهو مُجهز برادار ذي مصفوفة طورية يمتلك القدرة على تتبع 48 هدفاً في وقت واحد والتعامل مع أربعة تهديدات بشكل متزامن. يمتد نطاق اعتراضه لأهداف تصل إلى 15 كيلومتراً و10,000 متر ارتفاعاً، مما يتيح له التصدي لصواريخ كروز والطائرات بدون طيار والطائرات ذات الأجنحة الثابتة أو الدوّارة بكفاءة عالية. بفضل استقلاليته التشغيلية، يمكن للنظام العمل خارج إطار القيادة التقليدية المركزية، مما يُعزز قدراته كجزء لا يتجزأ من منظومة الدفاع الجوي المُتحرّكة.
وجود هذه الأنظمة يعكس سعي فنزويلا المستمر لتعزيز قدراتها في منع الدخول إلى أراضيها أو مجالها الجوي بمساعدة التكنولوجيا العسكرية الروسية المتقدمة. خلال السنوات الخمس الماضية، حصلت كاراكاس على العديد من حزم الدفاع الجوي من موسكو، بما في ذلك أنظمة بوك-إم2إي وبانتسير-إس1، والتي تُعزز من فاعلية الدفاع الوطني وتُشكل حاجزاً قوياً أمام أي تدخلٍ خارجي محتمل.