أعلنت كوبا أنها قامت بتحديث أنظمة الدفاع الجوي القديمة إس-١٢٥ بيتشورا من خلال التعاون التقني مع بيلاروسيا، كما أفاد موقع CyberCuba في ٤ مايو ٢٠٢٥. يعزز هذا التحديث تنوع استخدامات النظام وقدرته على الصمود، مما يشير إلى انتعاش قدرات الدفاع الجوي الكوبية. يعكس هذا التطور روابط عسكرية أعمق بين هافانا ومينسك، مع تداعيات أوسع نطاقًا مرتبطة بروسيا، مما يشكل تحديًا للمصالح الاستراتيجية الأمريكية في نصف الكرة الغربي.
أكدت اللجنة العسكرية الصناعية الحكومية البيلاروسية تحديث صواريخ إس-١٢٥ بيتشورا الكوبية. نفذت شركة ALEVKURP، وهي شركة دفاع بيلاروسية، عملية التحديث، حيث حوّلت النظام القديم إلى النسخة المُحسّنة من نظام بيتشورا-٢بي إم. وقد أثبتت الاختبارات التي أُجريت في المصنع صحة تحسينات النظام، حيث أصابت أربعة صواريخ أهدافها بنجاح. يحتفظ النظام المُحدّث بوظيفته الأساسية في الدفاع الجوي، مع اكتسابه القدرة على استهداف الأهداف البرية والبحرية والأهداف ذات الإحداثيات الثابتة، مما يزيد من مرونته التكتيكية. يُعتقد أن كوبا تُشغّل حوالي 144 منصة إطلاق من طراز S-125، وهي في الخدمة منذ فترة طويلة لدى القوات المسلحة الثورية الكوبية.
صُمّم نظام S-125 Pechora، الذي طُوّر أصلاً في خمسينيات القرن الماضي، ليُكمّل نظامي S-25 وS-75 من خلال استهداف الطائرات منخفضة التحليق والقابلة للمناورة. وفّر تصميمه الصاروخي ثنائي المراحل ونظام التوجيه بالرادار شبه النشط مرونةً مُحسّنة ومقاومةً أفضل للإجراءات المضادة الإلكترونية. وينبع استمرار استخدامه عالميًا من موثوقيته وسعره المعقول وقدرته على التكيف، مع وجود نسخ مُختلفة مثل Pechora-2M و2BM لا تزال في الخدمة بعد ترقيات مُختلفة.
استُخدم نظام S-125 في صراعات، بما في ذلك حرب أكتوبر 1973 والحرب العراقية الإيرانية. كان أبرز نجاحاتها في عام ١٩٩٩، عندما أسقطت بطارية إس-١٢٥ يوغوسلافية طائرة شبح أمريكية من طراز إف-١١٧، مما يُظهر قدرة النظام على الفتك حتى بعد عقود من طرحه.
يشمل تحديث بيتشورا-٢ بي إم الذي أُجري في كوبا إصلاحًا إلكترونيًا شاملًا، وتوجيهًا راداريًا مُحسّنًا، وتتبعًا أفضل للأهداف، وإطالة عمر خدمة الصواريخ. كما تُوسّع قدرته على ضرب الأهداف السطحية والبحرية دوره في دفاع كوبا. ورغم أنه يُقدّم ترقيات فعّالة من حيث التكلفة ومقاومة مُحسّنة للتشويش، إلا أنه لا يزال متأخرًا عن الأنظمة الحديثة من حيث المدى والتنقل والاستجابة. ولا يزال عُرضةً لطائرات الشبح والأسلحة المُوجّهة بدقة، مما يُبرز محدوديته على الرغم من التحسينات.
يُعدّ هذا التحديث الصاروخي جزءًا من تكثيف أوسع للتعاون العسكري بين كوبا وبيلاروسيا. في يناير ٢٠٢٤، وقّع وزير الدفاع الكوبي ألفارو لوبيز ميرا اتفاقية دفاع مع نظيره البيلاروسي، فيكتور جرينين. في حين أن تفاصيل الاتفاقية لا تزال غير معلنة، إلا أنها تعكس توافقًا سياسيًا متبادلًا ووجهات نظر مشتركة حول السيادة ومقاومة الضغوط الخارجية. كما التزمت بيلاروسيا بتدريب أفراد كوبيين، وربما تزويدهم بأنظمة متطورة مثل قاذفة صواريخ بولونيز، القادرة على ضرب أهداف متعددة بسرعة تزيد عن 2500 كم/ساعة وبمدى 300 كم.
تتزامن هذه التطورات مع تقارير عن مشاركة مقاتلات كوبية في الصراع الأوكراني بقيادة روسية، وتصريحات من وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أشاد فيها بقوة العلاقات العسكرية الروسية الكوبية. يشير المحور المتنامي بين هافانا ومينسك وموسكو إلى إعادة تنظيم استراتيجي في الأمريكتين، مما يُعيد إلى الأذهان ديناميكيات حقبة الحرب الباردة ويثير مخاوف واشنطن.
يمكن إجراء مقارنة ذات صلة مع فيتنام، التي قامت بتحديث أنظمة S-125 الخاصة بها بشكل مستقل من خلال مصنع A31 العسكري في هانوي. كما ورد في تقرير "اعتراف الجيش" لعام ٢٠٢٤، فإن النسخة الفيتنامية، التي تحمل اسم S-125VT، تدمج إلكترونيات محلية الصنع من شركة فيتيل، وتدعم إطارًا أوسع وأكثر تنوعًا للدفاع الجوي يشمل منصات S-300. وعلى عكس كوبا، التي تعتمد على الخبرة الخارجية البيلاروسية، أعطت فيتنام الأولوية للابتكار المحلي والاكتفاء الذاتي الصناعي.
يمثل تحديث كوبا لمنظومة S-125 Pechora، بدعم من بيلاروسيا، تطورًا هامًا في وضعها الدفاعي، إذ يُطيل عمر وقدرة المعدات السوفيتية القديمة. وإلى جانب كونها مجرد ترقية تقنية، تُبرز هذه المبادرة تعميق تحالف هافانا العسكري والسياسي مع مدار موسكو. ففي ظل مشهد عالمي متغير، يمكن حتى للأنظمة القديمة مثل Pechora أن تُبرز ثقلًا استراتيجيًا، لا سيما عند دمجها في تحالفات جيوسياسية ناشئة تتحدى الوضع الراهن بالقرب من مجال نفوذ أمريكا.