كشفت الصين علنًا عن أول صورة مفهومية لقاذفة الشبح دون الصوتية H-20، مما يمثل معلمًا رئيسيًا في جهود تحديث القوات الجوية لجيش التحرير الشعبي. وباعتبارها أول قاذفة استراتيجية مخصصة للصين، يُنظر إلى هذا المشروع الطموح على أنه "مشروع استراتيجي" من قبل جيش التحرير الشعبي ويدل على نية الصين تعزيز قدراتها على الضرب بعيد المدى. ومن المقرر أن تصبح H-20 عنصرًا حاسمًا في استراتيجية إسقاط القوة والردع الصينية، مما يشكل تحديًا مباشرًا لهيمنة القوة الجوية الأمريكية، وخاصة مع قاذفة الشبح B-21 Raider التي سيتم نشرها قريبًا من قبل القوات الجوية الأمريكية.
من المتوقع أن تكون H-20 من الأصول المتقدمة للغاية في الترسانة الاستراتيجية للصين، وهي مصممة لمدى ممتد، وحمولات كبيرة، وقدرة محسنة على البقاء في البيئات المتنازع عليها. في حين تظل التفاصيل الفنية المحددة سرية، تعرض صور المفهوم تصميمًا لجناح طائر مماثل لتصميم القاذفات الشبحية الأمريكية مثل B-2 Spirit و B-21 Raider. يقلل هذا الشكل من رؤية الرادار ويسلط الضوء على تركيز الصين على مهام الاختراق العميق في البيئات عالية التهديد، بهدف التهرب من الاكتشاف من أنظمة الرادار والصواريخ المتقدمة.
على عكس قاذفات سلسلة H-6 الحالية في الصين، والتي تستند إلى تصميم سوفييتي أقدم وتم تحديثها بشكل كبير، تمثل H-20 تصميمًا محليًا قادرًا على توصيل الحمولات النووية والتقليدية عبر مسافات كبيرة. يمكن أن تؤسس هذه القدرة المزدوجة H-20 كمكون أساسي في الثالوث النووي الصيني، مما يضيف ساقًا محمولة جواً موثوقًا به لقدراتها النووية البرية والبحرية. مثل هذا الدور يضع H-20 كرادع قوي وأصل لإسقاط القوة بعيدة المدى.
تم الكشف عن H-20 في الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة لتقديم B-21 Raider، وهي قاذفة شبح من الجيل التالي متوقعة بشدة لتحل محل أسطولها القديم من قاذفات B-1 و B-2. تتضمن B-21، المقرر أن تدخل الخدمة في منتصف عشرينيات القرن الحادي والعشرين، تقنية التخفي المتطورة والهندسة المعمارية المعيارية للترقيات المستقبلية وخيارات الحمولة الشاملة. إذا كانت H-20 الصينية تتطابق مع جزء من قدرات B-21 المتقدمة، فقد ترفع من قدرة القوات الجوية لجيش التحرير الشعبي إلى قدرة تشغيلية غير مسبوقة في القصف الاستراتيجي ومهام الضربات بعيدة المدى.
تم تصميم كل من H-20 و B-21 Raider للبيئات عالية الخطورة مع صواريخ أرض-جو متقدمة وأنظمة رادار، مما يؤكد دورها المحتمل في الاختراق العميق للمجال الجوي المعادي. وتسعى الصين من خلال الطائرة H-20 إلى تحقيق قدرة يمكنها موازنة مدى وفعالية القاذفات الأميركية، مما يسمح لسلاح الجو الصيني بالعمل عبر المناطق التي تهيمن عليها تقليديا القوات الأميركية والقوات المتحالفة.
ورغم أن المواصفات الدقيقة للطائرة H-20 لا تزال غير معلنة، فإن المحللين يتكهنون بأن الطائرة قد تتميز بمدى تشغيلي طويل، يقدر بنحو 8500 كيلومتر. ومن شأن هذا المدى أن يمكنها من ضرب أهداف في جميع أنحاء منطقة المحيطين الهندي والهادئ وربما أبعد من ذلك. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تحمل الطائرة H-20 حمولة كبيرة، بما في ذلك الذخائر النووية والتقليدية، فضلا عن صواريخ كروز بعيدة المدى. ويتضح التركيز على التخفي في تصميمها على شكل جناح طائر، والذي من المرجح أن يشمل مواد ماصة للرادار ومداخل هواء منخفضة الارتفاع لتقليل المقطع العرضي للرادار، مما يجعلها مناسبة للعمليات في المجال الجوي المحمي بشدة. ومن المتوقع أيضا أن تكون مزودة بأنظمة طيران وحرب إلكترونية متقدمة، مما يعزز الوعي الظرفي للقاذفة ويمكّن من توجيه ضربات منسقة إلى جانب أصول جوية أو برية أو بحرية أخرى.
ويسلط إطلاق مفهوم H-20 الضوء على جهود الصين لتعزيز قدراتها على الردع الاستراتيجي. ومع تصاعد التوترات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، يشير هذا التطور إلى تحول في التوازن العسكري مع تضييق الصين للفجوة التكنولوجية مع القدرات الجوية الأمريكية. وبالنسبة للاعبين الإقليميين المتحالفين مع الولايات المتحدة، فإن قدرة H-20 على إسقاط القوة عبر منطقة المحيطين الهندي والهادئ تمثل مصدر قلق كبير، مع عواقب على الاستقرار الإقليمي والأمن العالمي.
وفي الختام، يشير كشف الصين عن مفهوم H-20 إلى خطوة حاسمة في تطوير تكنولوجيا التخفي المحلية وطموحها للتنافس مع الطائرات الأكثر تقدمًا على مستوى العالم. وفي حين تظل الأسئلة قائمة حول مواصفات H-20 والجدول الزمني التشغيلي، فإن تطويرها يرسل رسالة واضحة: الصين عازمة على تأمين مكانتها كقوة عسكرية عالمية قادرة على ردع أو مطابقة القدرات الاستراتيجية للولايات المتحدة.