نشرت الولايات المتحدة طائرات الهجوم الأرضي A-10 Thunderbolt II، الملقبة بـ "Warthogs"، في الحادي عشر من ديسمبر 2024، في الفلبين لإجراء تدريبات مشتركة مع القوات الجوية الفلبينية. ويؤكد هذا الانتشار على الشراكة الدفاعية طويلة الأمد بين البلدين ويحدث وسط توترات متصاعدة في بحر الصين الجنوبي. هبطت طائرات A-10، المخصصة لسرب المقاتلات الخامس والعشرين المتمركز في كوريا الجنوبية، في قاعدة كلارك الجوية في السادس من ديسمبر وستبقى في الفلبين حتى الخامس عشر من ديسمبر.
يعد هذا التدريب جزءًا من استراتيجية توظيف القوة الديناميكية (DFE) التابعة للقوات الجوية الأمريكية، والتي تهدف إلى ضمان القدرة على التنبؤ الاستراتيجي مع الحفاظ على عدم القدرة على التنبؤ العملياتي في المناطق المتنازع عليها. تم اعتماد استراتيجية DFE رسميًا في عام 2018، وتجمع بين الاستشراف الاستراتيجي والمرونة التشغيلية للاستجابة بفعالية للتهديدات في المناطق المتنازع عليها. وقد تم تطوير هذا النهج على خلفية التنافس المتزايد مع قوى مثل الصين وروسيا، ويعطي الأولوية للانتشار السريع والقصير الأجل على التناوب المطول أو الثابت. ومنذ تنفيذه، تم إجراء مهام DFE في مناطق استراتيجية، بما في ذلك أوروبا والمحيط الهادئ الهندي، لاختبار وإثبات استجابة القوة. تم تصميم هذه الانتشارات السريعة وغير المعلنة في كثير من الأحيان لإبقاء الخصوم غير متأكدين من نوايا الولايات المتحدة مع تعزيز الردع. وفي الوقت نفسه، تعمل هذه الاستراتيجية على تعظيم جاهزية القوات للتهديدات الجيوسياسية سريعة التطور، وهو عامل حاسم في المناطق الحساسة مثل المحيطين الهندي والهادئ، حيث تم تطبيق DFE مؤخرًا مع نشر A-10 في الفلبين في ديسمبر 2024.
تحدث عملية التدريب المشتركة هذه على خلفية التوترات المتصاعدة في بحر الصين الجنوبي، حيث أشارت التقارير من أواخر نوفمبر 2024 إلى وجود ما يقرب من 100 سفينة صينية بالقرب من جزيرة ثيتو التي تحتلها الفلبين. تشكل المياه المتنازع عليها محورًا للمطالبات الإقليمية المتداخلة التي تشمل الصين والفلبين ودول جنوب شرق آسيا الأخرى. تُلزم معاهدة الدفاع المتبادلة الموقعة عام 1951 بين الولايات المتحدة والفلبين كلا البلدين بالرد بشكل مشترك على أي هجوم على سفنهما العامة أو طائراتهما أو قواتهما المسلحة في منطقة المحيط الهادئ، مما يسلط الضوء على أهمية هذه التعاونات العسكرية.
العلاقات العسكرية بين الفلبين والولايات المتحدة متجذرة بعمق، حيث يعود تاريخها إلى توقيع معاهدة الدفاع المتبادل عام 1951، والتي تلزم كلا البلدين بالدفاع المتبادل في حالة وقوع هجمات مسلحة في منطقة المحيط الهادئ. وقد تعززت هذه العلاقات من خلال اتفاقية القاعدة العسكرية عام 1947، والتي سمحت للولايات المتحدة بالحفاظ على منشآت استراتيجية مثل قاعدة كلارك الجوية، شمال مانيلا، وقاعدة خليج سوبيك البحرية، على الساحل الغربي من لوزون. وعلى الرغم من انسحاب الولايات المتحدة من هذه القواعد في عام 1991 بعد تصويت مجلس الشيوخ الفلبيني، فقد استؤنف التعاون بقوة مع اتفاقية التعاون الدفاعي المعزز (EDCA) الموقعة في عام 2014. تمنح هذه الاتفاقية القوات الأمريكية حق الوصول إلى العديد من القواعد الرئيسية، بما في ذلك قاعدة أنطونيو باوتيستا الجوية في بالاوان، بالقرب من بحر الصين الجنوبي، وقاعدة باسا الجوية في بامبانجا، للتناوب المؤقت. تلعب هذه القواعد دورًا استراتيجيًا في التدريبات المشتركة المنتظمة مثل باليكاتان، والتي تهدف إلى تعزيز التشغيل البيني ومعالجة التحديات الأمنية، وخاصة في ظل مطالبات الصين المتزايدة في بحر الصين الجنوبي. واليوم، يظل هذا التحالف حجر الزاوية للاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
لقد حددت وزارة الدفاع الأمريكية منطقة المحيطين الهندي والهادئ كأولوية بسبب تصاعد الأنشطة العسكرية والبحرية الصينية. تعد التدريبات المشتركة المنتظمة، مثل وصول طائرات A-10 والتدريب الجوي الأخير فوق بحر الفلبين في نوفمبر، أمرًا أساسيًا لاستراتيجية واشنطن للحفاظ على منطقة المحيطين الهندي والهادئ حرة ومفتوحة. وبحسب مسؤولين أميركيين، تهدف هذه التدريبات إلى تعزيز قابلية التشغيل البيني والقدرات المشتركة، وضمان الاستعداد للتحديات الإقليمية الناشئة.
طائرة A-10 Thunderbolt II، المعروفة باسم "Warthog"، هي طائرة هجومية بمحركين تشتهر بتصميمها القوي وقدراتها على الدعم الجوي القريب. تعمل بمحركين توربينيين من طراز TF34-GE-100 من إنتاج شركة جنرال إلكتريك، وتصل إلى سرعة قصوى تبلغ 833 كم/ساعة ويبلغ مداها القتالي 460 كم. الطائرة مدرعة بشكل كبير لتحمل النيران الأرضية وتتميز بأنظمة زائدة عن الحاجة لتعزيز القدرة على البقاء. سلاحها الأساسي هو مدفع GAU-8/A Avenger الدوار عيار 30 ملم، القادر على إطلاق 3900 طلقة في الدقيقة، وهو محسن لتدمير المركبات المدرعة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للطائرة A-10 حمل ما يصل إلى 7260 كجم من الذخائر المختلطة، بما في ذلك الصواريخ والقنابل والصواريخ، عبر 11 نقطة تعليق. إن قدرتها على العمل على ارتفاعات منخفضة وسرعات بطيئة تجعلها لا مثيل لها في الدعم الجوي القريب والحظر في ساحة المعركة.
يعود تاريخ تطوير الطائرة A-10 Thunderbolt II إلى أواخر الستينيات عندما بدأت القوات الجوية الأمريكية برنامج AX (Attack Experimental) لتصميم طائرة قادرة على تقديم الدعم الجوي القريب في البيئات المعادية. حدثت أول رحلة لطائرة A-10 في مايو 1972، ودخلت الخدمة رسميًا في عام 1976. صُممت الطائرة A-10 لتحمل النيران الأرضية وتحييد دروع العدو، وأظهرت لأول مرة براعتها القتالية أثناء عملية عاصفة الصحراء في عام 1991، حيث دمرت مئات الدبابات العراقية. وهي مجهزة بمدفع دوار GAU-8 / A Avenger، يستخدم ذخيرة خارقة للدروع من اليورانيوم المنضب (API) أو ذخيرة حارقة شديدة الانفجار (HEI) لتحييد الأهداف المدرعة الثقيلة. أثبتت الطائرة فعاليتها أيضًا في صراعات مثل تلك في أفغانستان والعراق، ومؤخرًا في سوريا، حيث تم نشرها ضد مواقع تنظيم الدولة الإسلامية. وعلى الرغم من المحاولات المتعددة لإخراج الطائرة من الخدمة بسبب عمرها، فإن التقارير الميدانية تؤكد على متانتها ودقتها وقدرتها الفريدة على دعم القوات البرية، وهي الصفات التي لا تزال تبرر خدمتها الفعلية.