قدمت قوات الحوثيين في اليمن، مركبة غير مأهولة، وفقًا للمعلومات التي نشرتها مصادر روسية في 29 أكتوبر 2024، غواصة جديدة شديدة الفتك، أطلق عليها اسم "القارعة" - وهو اسم مستوحى من مصطلح قرآني يرمز إلى "الكارثة الكبرى". تمثل هذه المركبة المبتكرة تحت الماء أحدث إضافة إلى ترسانة الحوثيين، والتي كانت تتكون سابقًا من صواريخ باليستية وطائرات بدون طيار وسفن سطحية متفجرة، وقد أثبتت جميعها فعاليتها بالفعل في تعطيل طرق التجارة في البحر الأحمر.
تُظهر اللقطات التي نشرتها قنوات الإعلام التابعة للحوثيين خلال عطلة نهاية الأسبوع أن القارعة تجري تدريبات، حيث تنطلق بسرعة فوق سطح الماء قبل تنفيذ ضربة دقيقة على سفينة هدف ثابتة. في حركة منسقة، يقترب غير مأهول سطحي بعد ذلك للقضاء على السفينة التالفة المحاكية، مما يدل على مزيج قاتل من قدرات الهجوم تحت الماء والسطحية.
وتعمل المركبة ذاتية القيادة تحت الماء عن طريق التحكم عن بعد، وتوجيهها بواسطة كاميرا مثبتة على قضيب قابل للتمديد في الجزء الخلفي منها على شكل أنبوب. وتتيح هذه الميزة للمركبة غير المأهولة مسح محيطها من خلال الصعود لفترة وجيزة لجمع البيانات البصرية، وبعد ذلك تغوص مرة أخرى لتجنب الكشف. وعلى الرغم من أن اللقطات تكشف عن مخطط ألوان أصفر وأسود حيوي، فمن المتوقع أن تستخدم الإصدارات الجاهزة للقتال ألوانًا مناسبة للبيئة البحرية، مما يزيد من قدرتها على التخفي من خلال الاندماج في محيط تحت الماء.
من اللقطات، تبدو المركبة ذاتية القيادة صغيرة نسبيًا، يبلغ طولها بضعة أمتار فقط، مما يعزز قدرتها على التهرب من الكشف البصري، وخاصة في ظروف ضعف الرؤية أو الليل. إن حجم "القارعة" وطبيعتها المغمورة يجعل من الصعب اكتشافها باستخدام طرق المراقبة التقليدية، مما يستلزم على الأرجح أنظمة سونار متقدمة لتتبع اقترابها. هذا الملف الخفي يضعها كتهديد كبير للسفن التجارية والسفن الحربية التي تبحر عبر البحر الأحمر.
ولاحظ المحللون تشابهًا بين مركبة القارعة غير المأهولة ومركبة الاستطلاع تحت الماء غير المأهولة أيضا ريموس 600 التابعة للبحرية الأمريكية، والتي ورد أن الحوثيين استولوا عليها في عام 2018. تتميز ريموس 600، التي تستخدمها الولايات المتحدة لرسم خرائط قاع البحر واكتشاف الألغام، بمخطط ألوان زاهية ونطاق كاميرا قابل للتمديد، على غرار تلك التي شوهدت على القارعة. ومع ذلك، فإن نسخة الحوثيين تتميز بعناصر تصميم فريدة، مثل تكوين المروحة المميز، وغطاء حلقة واقية للمروحة، ومخروط أنف انسيابي. تشير هذه الميزات إلى أن القارعة إما تم تعديلها من ريموس 600 لتناسب القدرات المحلية أو تم بناؤها من الصفر، مع تصميم الولايات المتحدة كمرجع أساسي.
تزامن الكشف عن القارعة مع تدريبات عسكرية حوثية واسعة النطاق عبر البر والبحر، والتي وصفها مصدر عسكري يمني بأنها جزء من "التحضير والاستعداد لأي مواجهة قادمة مع واشنطن وأدواتها في اليمن". لقد استمرت قدرات الحوثيين الصاروخية والطائرات بدون طيار في التطور، مما جذب الانتباه الدولي لمداها ودقتها المتزايدة. وتؤكد الحالات الأخيرة على براعتهم: فقد أخطأ صاروخ حوثي حاملة الطائرات العملاقة يو إس إس أيزنهاور في الصيف الماضي، بينما أجبر صاروخ آخر المدمرة يو إس إس جرافيلي على نشر أنظمة الأسلحة القريبة (CIWS) في محاولة أخيرة لتحييد المقذوف.
قد يؤدي هذا السلاح الأخير إلى تعقيد ديناميكيات الأمن في البحر الأحمر. في أكتوبر 2023، شن الحوثيون هجمات بالصواريخ والطائرات بدون طيار ضد أهداف إسرائيلية وعطلوا بعد ذلك تجارة البحر الأحمر تضامناً مع غزة. وتعهدت الجماعة بمواصلة الضغط على إسرائيل وحلفائها حتى تتوقف الأعمال العسكرية في غزة ولبنان.
إن كشف الحوثيين عن المركبة غير المأهولة "القارعة" يُظهِر التزامهم بتحسين تكتيكات الحرب غير المتكافئة، مما قد يؤدي إلى تعقيد الأمن البحري لكل من السفن التجارية والعسكرية في المنطقة.