تضع تركيا نفسها كلاعب رئيسي في مجال تقنيات الدفاع المدرعة، وذلك بفضل دمج الدرع التفاعلي من روكتسان على دبابتها القتالية الرئيسية، ألتاي. ومن خلال الاستثمار في هذه الحماية المتقدمة، لا تعمل الدولة على تعزيز قدراتها الرادعة فحسب، بل إنها تظهر أيضًا التزامها بالاستقلال الاستراتيجي في الدفاع. يمهد هذا التقدم التكنولوجي، الذي تم تركيبه الآن على شكل سلسلة على دبابات ألتاي، الطريق لعصر جديد للقوات المسلحة التركية، مع عواقب محتملة على السوق الدولية.
إن دبابة القتال الرئيسية ألتاي، التي تنتجها شركة بي إم سي، هي نتيجة لعملية تطوير طويلة بدأت في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. تهدف ألتاي إلى استبدال النماذج القديمة في الخدمة داخل القوات المسلحة التركية، وهي تجسد الحداثة بقدراتها الرائعة. مزودة بمدفع أملس عيار 120 ملم، يمكن لهذه الدبابة التعامل مع الأهداف المتحركة بدقة عالية، وذلك بفضل نظام التحكم في النيران فولكان 2. تم تطوير هذا النظام من قبل شركة أسيلسان، وهو يسمح باستهداف الأهداف بسرعة ودقة، حتى في ظروف القتال الصعبة.
تتميز دبابة ألتاي أيضًا بحمايتها المتقدمة. بالإضافة إلى درعها المركب المعياري المصمم لتحمل مجموعة واسعة من التهديدات الباليستية، تدمج ألتاي نظام الحماية النشطة AKKOR. تم تطوير هذا النظام محليًا، وهو قادر على اكتشاف واعتراض التهديدات الوشيكة، مثل الصواريخ المضادة للدبابات. ومع ذلك، فإن الدرع التفاعلي الذي توفره روكيتسان هو الذي يلفت الانتباه اليوم، نظرًا لقدرته على مواجهة أكثر الهجمات تطوراً.
تعمل الدروع التفاعلية من روكيتسان على مبدأ الحركة المتحكم فيها للصفائح المعدنية التي يتم تشغيلها بواسطة انفجار، وهي مصممة لتعطيل تكوين النفاثة المعدنية الناتجة عن قذيفة HEAT (مضادة للدبابات شديدة الانفجار). توفر هذه التكنولوجيا، على الرغم من تعقيدها، حماية كبيرة ضد التهديدات التي قد تخترق الدروع التقليدية. عند الاصطدام، تنفجر المادة المتفجرة الموضوعة بين صفائح المعدن للدروع، مما يدفع الصفائح إلى كسر أو انحراف النفاثة المعدنية قبل أن تتمكن من اختراق الدرع الرئيسي للدبابة.
بدأ تطوير الدروع التفاعلية في تركيا بتعاون دولي قوي، ولا سيما مع كوريا الجنوبية. لعبت شركة هيونداي روتيم، الرائدة عالميًا في تصميم المركبات المدرعة، دورًا حاسمًا من خلال مشاركة خبرتها مع المهندسين الأتراك. سمح هذا التعاون لشركة روكيتسان بتصميم درع مركب مستوحى من DSAP الكوري الجنوبي، المستخدم في K2 Black Panther. ومع ذلك، تم تعديل النسخة التركية لتلبية الاحتياجات المحددة للعمليات العسكرية التركية، وخاصة من حيث المناخ وأنواع التهديدات.
من المهم ملاحظة أنه يمكن تصنيف الدروع التفاعلية إلى فئتين رئيسيتين: ERA (الدروع التفاعلية المتفجرة) وNERA (الدروع التفاعلية غير المتفجرة). ERA، التي تستخدم المتفجرات لصرف النفاثة المعدنية عن الشحنات المشكلة، هي الشكل الأكثر شيوعًا للدروع التفاعلية. في المقابل، يمثل NERA، الذي يعتمد على مواد غير متفجرة ولكنها تفاعلية، بديلاً أكثر حداثة وإبداعًا. هذا النوع الأخير من الدروع التفاعلية مثير للاهتمام بشكل خاص لمسارح العمليات حيث يمكن أن يشكل استخدام المتفجرات مخاطر إضافية، مثل المناطق الحضرية أو المكتظة بالسكان.
يتماشى تطوير تقنيات الدروع هذه مع اتجاه عالمي حيث أصبحت حماية الدبابات معقدة بشكل متزايد. تواجه الدبابات الحديثة تهديدات متعددة، تتراوح من الصواريخ المضادة للدبابات إلى المخترقات ذات الطاقة الحركية والطائرات بدون طيار. في حين أن الدروع التفاعلية فعالة للغاية ضد الشحنات المشكلة، إلا أنها أقل فعالية ضد المخترقات ذات الطاقة الحركية مثل APFSDS (الدروع الخارقة للدروع ذات الزعانف المستقرة). هذا هو السبب في أن مصممي الدروع، مثل روكيتسان، يعملون باستمرار على تحسين أنظمتهم لتقديم حماية متعددة الاتجاهات.
إن الاختيار الاستراتيجي لتركيا لتطوير تقنيات الدروع التفاعلية الخاصة بها مدفوع بعدة عوامل. أولاً، يعزز استقلالية البلاد في الدفاع من خلال تقليل الاعتماد على واردات الأنظمة الحيوية. وثانياً، توفر هذه الأنظمة لتركيا ميزة تنافسية في سوق الأسلحة العالمية، حيث يستمر الطلب على أنظمة الحماية المتقدمة في النمو. وتُظهِر المقارنات مع الأنظمة الأجنبية، مثل نظام Kontakt-5 الروسي أو نظام Reactive Armor الإسرائيلي، أن أنظمة Roketsan المدرعة على قدم المساواة مع منافسيها. والواقع أن الأنظمة التركية توفر حماية فعالة ضد التهديدات المعاصرة في حين أنها قابلة للتكيف مع أنواع مختلفة من المركبات والمهام.
وبعيدًا عن حدود تركيا، قد تجتذب الدروع التفاعلية التي تنتجها شركة روكتسان اهتمام العديد من الدول التي تسعى إلى تحديث أساطيلها من الدبابات. وقد تصبح دول مثل قطر، التي أبدت بالفعل اهتمامها بالمعدات العسكرية التركية، فضلاً عن الدول الأفريقية والآسيوية، عملاء محتملين. وقد تؤدي قدرة تركيا على إنتاج هذه الأنظمة على نطاق واسع ودمجها بشكل فعال في نماذج مختلفة من الدبابات إلى وضع البلاد كمورد رئيسي في هذا القطاع من سوق الدفاع.
يمثل إدخال الدروع التفاعلية التي تنتجها شركة روكتسان على دبابات ألتاي تقدمًا حاسمًا للقدرات الدفاعية لتركيا. ومع تسارع البلاد في إنتاج هذه الدبابات، أصبحت مسألة تصديرها ذات أهمية متزايدة. ومع التهديدات المتطورة والطلب المتزايد على حلول الحماية المتقدمة، فمن المرجح أن تجد الدروع التفاعلية التركية أسواقًا دولية.