أعلنت شركة بايكار الدفاعية التركية في 16 مارس 2025 عن إتمام تجربة جديدة ناجحة لصاروخ "كمنكيش-1"، وهو صاروخ كروز مصغر مزود بنظام توجيه قائم على الذكاء الاصطناعي. أُطلق الصاروخ من طائرة "بيرقدار TB2" بدون طيار، مؤكدًا تقدم البرنامج بعد تجربة أولية ناجحة في 1 مارس 2025. ومن خلال تجارب متعددة، تُعزز تركيا تطوير القدرات العسكرية ذاتية التشغيل، مُعززةً مكانتها في مجال أنظمة الأسلحة الذكية.
صُمم صاروخ "كمنكيش-1" لتوجيه ضربات دقيقة للأهداف الاستراتيجية، بمدى يصل إلى 200 كيلومتر وتكلفة الوحدة أقل من 50 ألف دولار. وهذا يعكس نهج تركيا في إنتاج أسلحة ذاتية التشغيل فعالة من حيث التكلفة. يتوافق هذا الصاروخ مع طائرات بيرقدار أكينجي، تي بي 2، تي بي 3 المسيرة، ويعمل بمحرك نفاث، مما يسمح له بالوصول إلى سرعات تصل إلى 600 كم/ساعة والعمل على ارتفاع 18,000 قدم. يضمن نظام التوجيه الكهروضوئي، إلى جانب نظام الملاحة بالقصور الذاتي، دقة استهداف عالية، مع خطأ دائري محتمل يقل عن خمسة أمتار، حتى في الظروف الجوية السيئة. بالإضافة إلى ذلك، تعزز تقنية مكافحة التشويش مقاومته للتدابير المضادة الإلكترونية.
يبلغ وزن صاروخ كمنكيش-1 الإجمالي 30 كجم وطوله 1.8 متر، وهو مزود برأس حربي يزن ستة كيلوغرامات، مصمم لتأثيرات شديدة الانفجار أو التشظي، مما يجعله فعالاً ضد الأهداف المحصنة والمركبات المدرعة ومواقع العدو. ومن أهم قدراته قدرته على التحليق فوق منطقة الهدف لمدة تصل إلى ساعة، مما يوفر نقلًا فوريًا للبيانات قبل الاشتباك، مما يجعله سلاحًا متعدد الاستخدامات للعمليات العسكرية.
يُعد برنامج "كمنكيش-1" جزءًا من استراتيجية تركيا الأوسع نطاقًا لتحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي. منذ عام 2021، أولت شركة بايكار الأولوية لاستبدال المكونات المستوردة ببدائل محلية الصنع، لا سيما بعد القيود المفروضة على صادرات التكنولوجيا العسكرية الغربية إلى تركيا. حاليًا، أكثر من 90% من مكونات الصاروخ من أصل تركي، مما يقلل الاعتماد على الموردين الأجانب ويحد من التعرض للعقوبات المحتملة.
تخطط بايكار لإنتاج 100 وحدة سنويًا بحلول عام 2026، مع إجراء اختبارات إضافية مجدولة لتقييم أداء الصاروخ في ظل ظروف الحرب الإلكترونية والبيئات الجوية القاسية. يتيح دمجه مع طائرات "أكينجي" بدون طيار، التي تبلغ حمولتها 5500 كجم، استراتيجيات هجوم منسقة، مع إمكانية نشر صواريخ متعددة في وقت واحد لتحدي الدفاعات الجوية للعدو.
على الصعيد الدولي، ترى شركة "تركيا" في "كمنكيش-1" رصيدًا استراتيجيًا لتعزيز صادرات الدفاع. في عام ٢٠٢٤، سجّل قطاع الدفاع التركي إيرادات بلغت ٤.٤ مليار دولار، حيث بيعت طائرات بايكار المسيّرة بالفعل لأكثر من ٢٠ دولة. ومن المتوقع أن يجذب الصاروخ المشترين الباحثين عن حلول متكاملة للصواريخ والطائرات المسيّرة، لا سيما في الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث أقامت تركيا شراكات عسكرية.
في بيئة جيوسياسية معقدة، يُزوّد صاروخ "كمنكيش-١" تركيا بقدرات ردع إضافية. وبصفتها عضوًا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، تُعزّز تركيا وضعها الدفاعي ضد جهات إقليمية فاعلة مثل إيران والجماعات غير الحكومية العاملة في سوريا والعراق. ويجعله سعره المعقول وقابليته للتكيّف بديلاً عن صواريخ كروز الأكبر حجمًا، مثل صاروخ "توماهوك" الأمريكي الصنع، والتي تُعد أكثر تكلفة وتتطلب أساليب نشر مختلفة.
مع هذا الاختبار الناجح الثاني، يتقدم صاروخ "كمنكيش-١" نحو النشر التشغيلي، مُمثّلًا بذلك إنجازًا هامًا في تطوير تركيا لأنظمة الأسلحة المستقلة والمتصلة بالشبكات.