أخبار: البحرية الألمانية تدرس استخدام صاروخ توماهوك كروز لعمليات الضربات العميقة من البحر

أكد نائب الأدميرال يان كريستيان كاك، مفتش البحرية الألمانية، في 14 مايو 2025، وخلال الدورة الثانية من محادثات البحرية في برلين، أن ألمانيا تدرس دمج صاروخ توماهوك كروز أمريكي الصنع في منصاتها البحرية، كجزء من جهد استراتيجي أوسع لتطوير قدرة قوية على "الضربات الداخلية". يمثل هذا الاستحواذ المحتمل تطورًا عقائديًا هامًا للبحرية الألمانية، التي تفتقر حاليًا إلى الوسائل اللازمة لضرب أهداف في أعماق أراضي العدو من البحر. في سياق التهديدات الإقليمية المتزايدة والحرب الدائرة في أوكرانيا، سيمثل نشر صاروخ هجوم بري بحري بعيد المدى مثل توماهوك تحولًا نحو استعراض القوة والردع من المياه الألمانية، وخاصة في بحر البلطيق.

توماهوك هو صاروخ كروز بعيد المدى، يعمل في جميع الأحوال الجوية، دون سرعة الصوت، من إنتاج شركة رايثيون، وهو مصمم لتوجيه ضربات تقليدية دقيقة ضد أهداف ذات قيمة عالية أو استراتيجية. يتوافق أحدث طراز من طراز Block IV مع نظام الإطلاق العمودي Mk 41 (VLS)، ويوفر مدى يصل إلى 1667 كم (900 ميل بحري)، وهو مزود بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وأنظمة توجيه مطابقة لمحيط التضاريس. يتميز بقدرة إعادة الاستهداف أثناء الطيران، ووصلة بيانات ثنائية الاتجاه، مما يسمح بتحديثات فورية للمهام. يمكن إطلاق الصاروخ من مجموعة واسعة من المنصات، بما في ذلك المدمرات والغواصات، وربما الفرقاطات الألمانية من فئة ساكسن (F124) وفرقاطات براندنبورغ (F123)، شريطة أن يتم تزويدها بنسخة Strike-length من نظام الإطلاق العمودي Mk 41.

استُخدم صاروخ توماهوك لأول مرة في القتال خلال حرب الخليج عام 1991، وأصبح منذ ذلك الحين حجر الزاوية في قدرات الضربات الدقيقة للولايات المتحدة وحلفائها. وقد استُخدم على نطاق واسع في صراعات العراق وسوريا وليبيا والبلقان. تُشغّل البحرية الملكية البريطانية أيضًا صواريخ توماهوك على متن غواصاتها من فئة أستوت، مما يُؤكد موثوقيتها وقيمتها الاستراتيجية لدى أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو). دقة الصاروخ المستمرة ومرونته التشغيلية تجعله من أكثر أسلحة الهجوم البري اختبارًا وإثباتًا في الخدمة.

مقارنةً بقدرة ألمانيا البحرية الحالية على الضربات، والتي تقتصر بشكل أساسي على صاروخ RBS 15 Mk3 المُستخدم على طرادات K130، يُوفر صاروخ توماهوك زيادة هائلة في المدى التشغيلي. يبلغ أقصى مدى لصاروخ RBS 15، الذي تنتجه شركة ساب، حوالي 300 كيلومتر، وقد صُمم في الأصل كسلاح مضاد للسفن ذي فائدة محدودة في الهجوم البري. ورغم إمكانية استخدامه نظريًا ضد الأهداف الساحلية أو القريبة من المناطق الداخلية، إلا أنه يفتقر إلى العمق الاستراتيجي وتعدد استخدامات الاستهداف اللازمين لتحييد البنية التحتية للعدو أو أنظمة A2/AD في المناطق الداخلية البعيدة. في المقابل، يُوفر صاروخ توماهوك لألمانيا رادعًا موثوقًا وقدرة على الضرب تتجاوز نطاق تغطية رادار الخصم بكثير، مما يُعزز مساهمته في الدفاع الجماعي لحلف شمال الأطلسي.

من الناحية الاستراتيجية، سيسمح دمج صواريخ توماهوك لألمانيا بشن ضربات دقيقة على أراضي العدو من مواقع آمنة في بحر البلطيق أو بحر الشمال. وهذا يُغير الحسابات في صراعات شديدة الشدة، إذ يُمكّن ألمانيا من قمع الدفاعات الجوية للعدو، ومراكز القيادة، وبطاريات الصواريخ من البحر، مما يدعم عمليات القوات المشتركة ويخفف من حدة التهديدات للوحدات المنتشرة في الخطوط الأمامية. وفي سياق بحر البلطيق، يُواجه هذا بشكل مباشر وضع روسيا في منطقة الوصول ومنع الوصول (A2/AD) في كالينينغراد، ويُعزز دور ألمانيا في الجناحين الشمالي والشرقي لحلف الناتو. علاوة على ذلك، تتماشى هذه الخطوة مع مبدأ "كورس مارين" الأوسع الذي طرحته البحرية الألمانية، والذي يُركز على قدرات الضربات متعددة النطاقات، ودمج الأسلحة المعيارية، واستخدام منصات غير مأهولة وسرية مثل الغواصات والمركبات ذاتية القيادة تحت الماء.

فيما يتعلق بالمشتريات والميزانية، لم يُعلن بعد عن أي عقد رسمي لشراء ألمانيا لصاروخ توماهوك. مع ذلك، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرًا على بيع ما يصل إلى 175 صاروخ توماهوك إلى هولندا ضمن اتفاقية مبيعات عسكرية خارجية، مما يُرسي سابقةً في أوروبا للحلفاء الساعين إلى تعزيز قدرات الضربات البحرية. تعتمد تكلفة النظام على حزم التكوين والدعم، ولكنها تتراوح عادةً بين 1.5 مليون ومليوني دولار أمريكي للصاروخ الواحد، مع إمكانية أن تصل تكلفة الاستحواذ والتكامل الإجمالية إلى مئات الملايين من الدولارات، وذلك حسب ترقيات نظام الإطلاق والدعم اللوجستي. ونظرًا لنية البحرية الألمانية تحديث منصات حالية مثل فئتي F124 وF123، ستكون هناك حاجة أيضًا إلى استثمارات لتكييف هذه السفن مع وحدات نظام الإطلاق العمودي بطول الضربة المتوافقة مع صواريخ توماهوك.

يُمثل استحواذ ألمانيا المُحتمل على صاروخ توماهوك كروز تحولاً حاسماً في عقيدتها البحرية ووضع قوتها. فهو يُسد ثغرة طويلة الأمد في قدرتها على إبراز قوتها من البحر إلى البر، ويُعزز قدراتها على الردع الاستراتيجي داخل حلف الناتو، ويُعزز استعدادها لسيناريوهات الصراعات الخطيرة. وبالانتقال من أنظمة ساحلية قصيرة المدى مثل RBS 15 إلى قدرات الضربات العميقة، لن تزيد ألمانيا من فتك أسطولها فحسب، بل ستُرسخ أيضاً دورها كفاعل بحري رئيسي في البنية الأمنية الأوروبية. وإذا ما تمت عملية الشراء، فإنها ستضع البحرية الألمانية ضمن القلائل القادرة على شن ضربات استراتيجية دقيقة من السفن السطحية، مما يُعيد تعريف نطاقها العملياتي في ظل بيئة جيوسياسية متقلبة.