تنطلق البحرية الملكية المغربية في رحلة طموحة لتحديث أسطولها، مع التركيز على دمج أنظمة صاروخية متطورة من إسرائيل لتعزيز قدراتها الدفاعية.
يعكس هذا الجهد دفعة استراتيجية لتعزيز القوات البحرية للبلاد في ظل التحديات الأمنية المتنامية في البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا. ويتمثل جوهر هذه المبادرة في دراسة تجهيز نوعين رئيسيين من السفن - فرقاطات المراقبة من فئة فلوريال، محمد الخامس والحسن الثاني، وسفن الدوريات البحرية من طراز أفانتي 1800 التي تم شراؤها حديثًا - بأحدث التقنيات الإسرائيلية، وتحديدًا منظومتي صواريخ سبايك إن إل أو إس وباراك 8.
لا تُمثل هذه الخطوات دليلاً على التحديث العسكري المغربي فقط، بل تُمثل أيضًا انعكاسًا لعلاقاته الدفاعية المتنامية مع إسرائيل، والتي حفزها التقارب الدبلوماسي الذي أعقب اتفاقيات إبراهيم عام 2020. وتُشكل فرقاطتا فلوريال، محمد الخامس والحسن الثاني، جوهر جهود التحديث هذه.
بُنيت هذه السفن في فرنسا، ولطالما كانت بمثابة أصول حيوية للعمليات البحرية المغربية، حيث تُكلَّف في المقام الأول بمهام المراقبة والدوريات في كل من البيئات الساحلية والمياه المفتوحة. هذه الفرقاطات، المُسلَّحة حاليًا بصواريخ إكزوسيت المضادة للسفن وصواريخ ميسترال للدفاع القريب، مُصمَّمة لمراقبة وحماية المياه الإقليمية المغربية.
ومع ذلك، تُقيِّم البحرية الملكية حاليًا إضافة صواريخ سبايك إن إل أو إس الإسرائيلية الصنع إلى ترسانتها. يُعدُّ صاروخ سبايك إن إل أو إس، الذي طورته شركة رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة، صاروخًا متعدد الاستخدامات، يُمكِّن من إطلاق النار ثم نسيانه، بمدى 32 كيلومترًا، وقادرًا على ضرب الأهداف في البحر أو على البر بدقة.
من شأن هذا التحديث المُحتمل أن يُعزِّز بشكل ملحوظ القدرات الهجومية للفرقاطات، مما يُمكِّنها من مُواجهة طيف أوسع من التهديدات، بما في ذلك تلك التي تُشكِّلها الجماعات الإرهابية والمنظمات الإجرامية العاملة في المنطقة. تشتهر عائلة صواريخ سبايك، التي دخلت جيلها السادس اعتبارًا من عام 2024، بقدرتها على التكيف مع مختلف المنصات - المحمولة، والمُطلقة من المركبات، والمُطلقة من المروحيات، والأنواع البحرية.
استحوذ المغرب على نسختي سبايك LR II وNLOS كجزء من صفقة أسلحة أكبر مع إسرائيل، حيث اكتملت عمليات التسليم للبحرية الملكية في يونيو 2025. وبينما تم شراء صواريخ سبايك في البداية لسفن الدوريات أفانتي 1800، فإن دمجها المحتمل في فرقاطات فئة فلوريال يمثل توسعًا استراتيجيًا في استخدامها. تتماشى هذه الخطوة مع الهدف الأوسع للمغرب المتمثل في تعزيز دفاعاته البحرية، والاستفادة من دقة الصاروخ ومداه لتوفير استجابة أكثر فعالية للتحديات الناشئة. بالتوازي مع ذلك، يدرس المغرب دمج نظام صواريخ باراك 8 في سفن الدوريات البحرية الجديدة أفانتي 1800.
صُممت سفينة "أفانتي 1800" الحربية الحديثة، بطول 89 مترًا، من قِبل شركة بناء السفن الإسبانية "نافانتيا"، وهي مصممة خصيصًا للمهام الساحلية وفي المياه المفتوحة. مزودة بأنظمة متطورة مثل رادار ثلاثي الأبعاد، وقدرات حرب إلكترونية، وقاذفات صواريخ، وتتميز بتصميم هيكل خفي، وتعمل بطاقم مُخفّض، مما يجعلها منصة مرنة وفعالة. أما "باراك 8"، الذي طورته شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI)، فهو نظام صواريخ أرض-جو بعيد المدى، مُصمم لاعتراض مجموعة متنوعة من التهديدات الجوية، بما في ذلك الطائرات والطائرات المُسيّرة والصواريخ.
من خلال دمج هذا النظام، يهدف المغرب إلى تعزيز قدرات الدفاع الجوي لسفينة "أفانتي 1800"، مما يضمن حماية أصوله البحرية بشكل جيد من التهديدات الجوية المتطورة. يُعدّ اقتناء سفن "أفانتي 1800" وتسليحها المُحتمل بصواريخ "باراك 8" جزءًا من جهود التحديث العسكري المُستمرة في المغرب. في السنوات الأخيرة، استثمرت البلاد بكثافة في تعزيز صناعتها الدفاعية، بشراء طائرات مسيرة إسرائيلية الصنع، وأنظمة مدفعية، وتقنيات صاروخية متطورة.
ويعزى هذا التوجه جزئيًا إلى التهديدات المتصورة من الجزائر المجاورة، وتزايد الأنشطة العسكرية في البحر الأبيض المتوسط. وقد استجاب المغرب بشكل استباقي، فأعاد نشر سفنه الحربية قبالة سواحله الشمالية لحماية سلامته الإقليمية ومصالحه البحرية. ويؤكد دمج الصواريخ الإسرائيلية على سفن أفانتي 1800 هذا الالتزام، مما يعزز قدرة البحرية الملكية على ترسيخ وجودها في المنطقة. ويُعد التعاون الدفاعي المتنامي بين المغرب وإسرائيل حجر الزاوية في هذه التطورات.
سبب آخر محدد هو أن صواريخ بوينج AGM-84L هاربون بلوك 2، التي حصل عليها المغرب من الولايات المتحدة لطائراته المقاتلة من طراز F-16، ستكون ذات قدرات استهداف ساحلية أقل، وفقًا للولايات المتحدة. صواريخ هاربون التي سيتم توريدها للمغرب هي نسخة "قمع الأهداف غير الساحلية"، والتي لن تكون قادرة على مهاجمة الأهداف البرية، وذلك وفقًا لإشعار بيع أسلحة في السجل الفيدرالي الأمريكي بتاريخ 27 أبريل.
مهد اتفاق إبراهيم لعام 2020 الطريق للتقارب الدبلوماسي، وفتح الأبواب أمام عقود عسكرية كبيرة بين البلدين. في عام 2021، وقعت إسرائيل اتفاقية دفاع مع المغرب كجزء من عرض علني للاستعداد لتعزيز مصالح الأمن القومي بالتزامن مع الدول العربية التي اقتربت منها وسط قلق مشترك بشأن إيران والتشدد الإسلامي. ومنذ ذلك الحين، حصلت القوات المسلحة الملكية المغربية على مجموعة من المعدات الإسرائيلية، ويمثل تسليم صواريخ سبايك في عام 2025 نتيجة ملموسة لهذه الشراكة. مكّن هذا التعاون المغرب من الوصول إلى تقنيات متقدمة مثل نظامي سبايك وباراك 8، اللذين يوفران الدقة والتنوع، وهما سمتان أساسيتان لمواجهة البيئة الأمنية المعقدة التي تعمل فيها البلاد. يعزز موقع المغرب الاستراتيجي، الممتد على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، أهمية قدراته البحرية.
إن جهود التحديث التي تبذلها البحرية الملكية، بما في ذلك التكامل المحتمل لأنظمة الصواريخ الإسرائيلية، تضع المغرب كلاعب رئيسي في ديناميكيات الأمن الإقليمي. إن فرقاطات فئة فلوريال، بمداها الهجومي المعزز من خلال صواريخ سبايك إن إل أو إس، وسفن أفانتي 1800، المعززة بنظام الدفاع الجوي باراك 8، تعزز مجتمعةً قدرة المغرب على حماية مياهه والتصدي للتهديدات التي تتراوح من الإرهاب إلى الجريمة البحرية. كما تشير هذه التطورات إلى عزم المغرب على الحفاظ على الاستقرار في منطقة البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا، وهي مناطق تشهد تنافسًا وتوترًا متزايدين.