أعلنت هيونداي روتيم، وهي شركة تابعة لمجموعة هيونداي موتور، في 23 أكتوبر 2023، عن تطوير K3، أول دبابة قتال تعمل بالهيدروجين في العالم، بالشراكة مع وكالة تطوير الدفاع ومعهد كوريا للأبحاث لتخطيط وتقدم تكنولوجيا الدفاع. تم تصميم هذه الدبابة لتعزيز قدرات جمهورية كوريا مع تلبية أهداف الاستدامة العالمية للطاقة. ومن المتوقع أن تحل K3، المجهزة بخلايا وقود الهيدروجين، محل محركات الديزل في الدبابات الحالية، مثل K2، مما يوفر قدرات تشغيلية أكثر هدوءًا وخفية.
يمثل التعاون بين هيونداي روتيم ووكالة تطوير الدفاع ومعهد كوريا للأبحاث لتخطيط وتقدم تكنولوجيا الدفاع تقدمًا تقنيًا كبيرًا، مما يقرب البلاد من تبني المركبات التي تعمل بالهيدروجين في التطبيقات العسكرية. ومن المتوقع أن تكون K3 مجهزة بخلايا وقود الهيدروجين ومحركات كهربائية متقدمة وبطاريات قابلة لإعادة الشحن، مما يوفر بديلاً صديقًا للبيئة لمحركات الديزل. لا يقلل هذا النظام المبتكر من الانبعاثات فحسب، بل يسمح أيضًا للدبابة بالعمل في صمت تقريبًا، مما يعزز بشكل كبير من قدراتها على التخفي - وهي ميزة استراتيجية أساسية في الحرب الحديثة.
يوفر التصميم المتوقع لـ K3 فوائد تشغيلية كبيرة، بما في ذلك القدرة على التنقل عبر التضاريس الصعبة والمنحدرات الشديدة. بالإضافة إلى خلايا وقود الهيدروجين، ستتميز الدبابة بمدفع أملس عيار 130 ملم، وهو ترقية كبيرة من مدفع K2 عيار 120 ملم، مما يعزز قوتها النارية. كشفت هيونداي روتيم أيضًا عن خطط لدمج الذكاء الاصطناعي (AI) في نظام التحكم في إطلاق النار في الدبابة. تهدف هذه الميزة التي يقودها الذكاء الاصطناعي إلى تحسين قدرات K3 على الاستهداف والدقة، مما يمنحها ميزة في الضربات الاستباقية وتقييم التهديدات السريعة في ساحة المعركة.
من المقرر إنتاج دبابة K3 التي تعمل بالهيدروجين بالكامل بحلول عام 2040. كحل مؤقت، ستقدم هيونداي روتيم أولاً نموذجًا هجينًا يجمع بين أنظمة الديزل والهيدروجين. ستسمح هذه المرحلة الانتقالية للجيش الكوري الجنوبي بالاستفادة من بعض مزايا تكنولوجيا الهيدروجين أثناء الاستعداد للتحول الكامل إلى مصدر الطاقة هذا. وأكد مسؤولو هيونداي روتيم أن هذه النسخة الهجينة سوف تدخل الخدمة قريبًا، مما يدعم الأهداف الاستراتيجية لكوريا الجنوبية في تقليل الانبعاثات مع الحفاظ على الفعالية العسكرية القوية.
يتماشى تطوير دبابة K3 مع اتجاه أوسع نحو تطبيقات وقود الهيدروجين في قطاعي الدفاع والنقل العالميين. تعمل هيونداي، التي تم الاعتراف بها بالفعل لعملها الرائد في خلايا الوقود، على توسيع خبرتها في التكنولوجيا العسكرية، مما يساهم في تطور حلول التنقل القائمة على الهيدروجين. على سبيل المثال، تعاونت الشركة سابقًا مع WeRide الصينية في المركبات ذاتية القيادة التي تعمل بالهيدروجين. وبالمثل، في الولايات المتحدة، تحدث التطورات في تكنولوجيا الهيدروجين موجات في النقل البحري التجاري والعسكري، مع مشاريع مثل "Sea Change"، أول عبارة تعمل بالهيدروجين معتمدة من قبل خفر السواحل الأمريكي، ومن المقرر إطلاقها قريبًا في خليج سان فرانسيسكو.
تعمل خلية وقود الهيدروجين عن طريق تحويل الهيدروجين والأكسجين إلى كهرباء وماء وحرارة من خلال تفاعل كهروكيميائي. وتتكون من ثلاثة مكونات رئيسية: الأنود والكاثود والإلكتروليت. يتم حقن الهيدروجين المخزن في خزان في الأنود، حيث ينقسم إلى بروتونات وإلكترونات من خلال التحفيز. تمر البروتونات عبر الإلكتروليت للوصول إلى الكاثود، في حين أن الإلكترونات، غير القادرة على عبور الإلكتروليت، تسافر عبر دائرة خارجية، وتولد تيارًا كهربائيًا صالحًا للاستخدام. من ناحية أخرى، يتم إدخال الأكسجين، الذي يتم سحبه عادةً من الهواء، إلى الكاثود، حيث يتحد مع البروتونات والإلكترونات لتكوين الماء، وهو منتج ثانوي نظيف لهذا التفاعل. توفر هذه التكنولوجيا، التي تنبعث منها المياه والحرارة فقط، مصدر طاقة مستدام وخالي من التلوث، مثالي للتطبيقات التي تتطلب توقيعات صوتية وحرارية منخفضة، مثل العمليات العسكرية الخفية.
في صراع مثل الذي يدور في أوكرانيا، من شأن الدبابة التي تعمل بالهيدروجين أن تقدم مزايا استراتيجية كبيرة، وخاصة من حيث التخفي والاستقلالية والقدرة على التشغيل في البيئات المعادية. ونظراً لتوقيعها الحراري المنخفض، فإن دبابة الهيدروجين ستكون أكثر صعوبة في الكشف عنها بواسطة أنظمة المراقبة بالأشعة تحت الحمراء، مما يسهل المناورات المنفصلة والدوريات الليلية والتسلل خلف خطوط العدو. كما أن استقلاليتها المتزايدة ستسمح للوحدات المدرعة بالتوغل في عمق أراضي العدو دون الحاجة إلى إعادة التزود بالوقود بشكل متكرر، وهي قدرة قيمة في المناطق ذات سلاسل الإمداد اللوجستية المعقدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن إنتاج بخار الماء فقط دون انبعاثات ملوثة من شأنه أن يجعل الدبابة قادرة على الصمود في البيئات المتدهورة أو الملوثة، وهو ما يميز المناطق الحضرية والصناعية المتضررة من الحرب. ومن خلال تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، فإن هذا النوع من المركبات من شأنه أن يخفف من المطالب اللوجستية ويحمي خطوط الإمداد، والتي غالباً ما تكون عرضة للهجمات المستهدفة. وأخيراً، فإن التشغيل الصامت لتكنولوجيا الهيدروجين من شأنه أن يوفر ميزة حاسمة للكمائن أو الدفاع في المناطق الحرجية أو الحضرية، مما يسمح للدبابة بالبقاء غير مكتشفة حتى الاشتباك. وعلى هذا فإن الدبابة التي تعمل بالهيدروجين قد تعالج التحديات الفريدة التي يفرضها الصراع الحديث مثل الصراع في أوكرانيا، حيث تقدم مزيجاً من التقدير والاستقلالية والمرونة البيئية التي من شأنها أن تعزز بشكل كبير القدرات التشغيلية على الأرض.
إن مشاريع تطوير المركبات العسكرية التي تعمل بالهيدروجين تكتسب زخماً عالمياً، وإن كانت كوريا الجنوبية، بدبابتها K3، في طليعة هذه المشاريع. كما تستكشف بلدان وشركات دفاعية أخرى إمكانات الهيدروجين للتطبيقات العسكرية، وإن كانت الجهود أقل تقدماً بشكل عام من جهود شركة هيونداي روتيم.
وفي الولايات المتحدة، يقوم الجيش بتقييم جدوى الهيدروجين كجزء من برنامج "مركبة القتال من الجيل التالي" (NGCV). على سبيل المثال، طورت شركة جنرال موتورز للدفاع النموذج الأولي "ZH2"، وهي مركبة تعمل بالهيدروجين صالحة لجميع التضاريس ومصممة للجيش الأمريكي. ويهدف هذا النموذج إلى اختبار قدرات التخفي والاستقلالية لتكنولوجيا الهيدروجين في المهام. بالإضافة إلى ذلك، تستكشف شركتا بي إيه إي سيستمز وأوشكوش للدفاع، وهما شركتان دفاعيتان رئيسيتان، أيضاً تقنيات هجينة وهيدروجينية للتطبيقات المستقبلية، وإن كان تركيزهما يظل في المقام الأول على المركبات الهجينة في الوقت الحالي.
في أوروبا، يعد برنامج MGCS (نظام القتال الأرضي الرئيسي)، الذي تقوده شركة Krauss-Maffei Wegmann (KMW) وشركة Nexter، مشروعًا رائدًا لتطوير دبابة المعركة الأوروبية المستقبلية. وبينما لا تزال في مرحلة المواصفات، يتم النظر في خيارات الهجين والهيدروجين لتقليل الانبعاثات وتعزيز التخفي. كما تبحث شركة Rheinmetall، وهي جهة رئيسية أخرى مشاركة في المشروع، عن حلول دفع بديلة، ولكن لم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن تبني تقنية الهيدروجين.
كما تهتم اليابان بخلايا وقود الهيدروجين للمركبات المدرعة من خلال شركة Mitsubishi Heavy Industries. يستكشف هذا التكتل الصناعي استخدام تقنية الهيدروجين في دبابات المعركة المستقبلية، استجابة لمتطلبات وزارة الدفاع اليابانية للحلول التي تزيد من الاستقلالية مع تقليل البصمة الكربونية. تركز شركة Mitsubishi Heavy Industries بشكل أساسي على النماذج الأولية واختبار الأداء في التضاريس الصعبة لتقييم مدى قابلية تطبيق الهيدروجين في مركباتها القتالية.
تعد إسرائيل جهة أخرى محتملة مهتمة بمزايا الهيدروجين للمهام التي تتطلب توقيعات صوتية وحرارية منخفضة. وتجري شركات إسرائيلية، مثل Elbit Systems وIsrael Aerospace Industries (IAI)، أبحاثًا حول المركبات الدفاعية الخفية وتدرس حلول الدفع البديلة لتلبية الاحتياجات المحددة للقوات الإسرائيلية، على الرغم من عدم إطلاق أي برنامج رسمي مخصص للهيدروجين حتى الآن.
باختصار، على الرغم من أن العديد من البلدان وشركات الدفاع منخرطة بنشاط في البحث عن تقنيات دفع جديدة للحد من التأثير البيئي للمركبات العسكرية، إلا أن القليل منها جعل الهيدروجين أولوية فورية. يضع مشروع Hyundai Rotem K3 كوريا الجنوبية في طليعة تطوير الدبابات القتالية التي تعمل بالهيدروجين، مما يوفر خارطة طريق للدول الأخرى. يمكن أن يشجع هذا الابتكار اللاعبين الأوروبيين والأمريكيين والآسيويين مثل BAE Systems وGeneral Motors Defense وKMW وNexter وMitsubishi Heavy Industries على تسريع برامج الهيدروجين الخاصة بهم، واستكشاف إمكانات هذه التكنولوجيا بشكل أكبر في البيئات العسكرية.