تحليل: كيف قُصفت قاعدة الوطيه الجوية ؟


لقد كانت الضربة الجوية التي تم توجيهها علي الانظمة الدفاعية المتواجدة حول قاعدة الوطية بغرب ليبيا بعدد ٩ طلعات علي مستوي عالي من الدقة و الاحترافية بحيث ان تلك الطلعات نجحت في تدمير النظام الدفاعي المكون من صواريخ هوك و ٣ رادارات… و في هذا البحث سنسعي لتقديم دراسة حول التكتيكات المستخدمة في تلك المهمة. 


تصور للتكتيكات المستخدمة في الضربة حتي نصل الي الخطة المناسبة لتنفيذ تلك المهمة علينا ان نجلس مكان المخطط لتلك العملية و ندرس امكانيات العدو حتي نستطيع وضع الخطة المناسبة…و لتحقيق ذلك علينا ان نستعرض امكانيات نظام الدفاع الجوي المتواجد حول القاعدة و المطلوب تدميره تماماً.


ان الصواريخ الهوك واحدة من افضل نظم صواريخ الدفاع الجوي المعروفة في العالم حيث انها تمتاز بان مداها الميت يصل الي ٢ كم فقط و ارتفاعها الميت ٣٠ م و هذا المدي صغير جدا مما يشكل نقطة تفوق لها علي مثيلاتها من صواريخ الدفاع الجوي كما ان انظمة الرادار الملحقة بها شديدة التعقيد و تستعصي علي وسائل الاعاقة الاليكترونية. 


و للايضاح فقط فان الصاروخ ما هو الا شريحة اليكترونية تقوم بالتوجيه لمسار يتقاطع مع مسار الهدف و ذلك عن طريق اجراء عدد ضخم من المعادلات للتوجيه علي المسار و لاجراء تلك الحسابات فانه يستغرق وقتاً و مع سرعة الصاروخ…فان حاصل ضرب سرعة الصاروخ و الزمن اللازم لاجراء تلك الحسابات يكون الناتج مسافة…و هي المدي و الارتفاع الميت للصاروخ.


بالمعرفة البسيطة لقواعد اشتباكات وحدات الصواريخ ندرك ان اي وحدة دفاع جوي يجب ان يكون لها اتجاه اشتباك رئيسي و اتجاه فرعي و يكون الاتجاه الرئيسي هو الاتجاه المتوقع بنسبة كبيرة ان يأتي منه الهجوم و بالتالي يتم تركيز نيران الوحدة عليه و كل وسائل المراقبة و الانذار تكون محفّزة في هذا الاتجاه و ينال الاتجاه الفرعي اهتمام أقل مقارنة بالاتجاه الرئيسي و في حالة مسرح عملياتنا –قاعدة الوطية- سيكون الاتجاه الرئيسي هو الشرق و الاتجاه الفرعي و هو اتجاه البحر و الغرب.


بعد ايضاح تلك المعلومات يمكن ان نضع تخيل للخطة في ضوئها….و عليه فانه يجب تقسيم قوة الهجوم الي جزئين….الجزء الاول و الرئيسي و هو المكلف بتدمير وحدات الصواريخ و الرادارات و سيتخذ اتجاه هجوم و هو الاتجاه الفرعي لمجهود وحدات الصواريخ  -اي اتجاه البحر او الغرب- بحيث ستكون دفاعات العدو في اضعف نقاطها و سيكون ارتفاع الطيران تحت مستوي ال٣٠ متر  لتفادي الارتفاع الميت للصاروخ و يظل هكذا حتي تجاوز المدي الميت للصاروخ ثم التسلق لارتفاع الضرب و بدء القصف.


اما الجزء الثاني و الفرعي من قوة الهجوم و هي قوة الخداع و ستتخذ مسار بحيث ان تظهر للعدو في اتجاه مجهوده الرئيسي –اي اتجاه الشرق- و تطير علي ارتفاع متوسط بحيث ان تكون في متناول صواريخ العدو و بالتالي تكون طعماً لاشغاله عن اتجاه الهجوم الرئيسي و بمجرد الدخول في مدي الصواريخ تقوم بالانسحاب الفوري و تقوم بتكرار تلك المناورة مرتين او ثلاثة و في هذه اللحظة تبدأ المجموعة الاولي بهجومها الفوري.


يجب ان تتم تلك العملية و خصوصا الطلعة الاولي في ظل صمت لاسلكي تام و تحت ستار من التشويش الاليكتروني من الواضح ان العملية الفعلية تمت تحت  ستار التشويش الاليكتروني من وحدات روسية و يكفي ان نذكر في هذا الصدد ان الانظمة الروسية نجحت في تضليل صواريخ التوماهوك الامريكية اثناء قصف مطار الشعيرات.


في نهاية هذا التحليل لابد لنا ان نرفع القبعة لكل من شارك في التخطيط و التنفيذ لتلك العملية الرائعة حيث ان نتائجها كانت مبهرة و احدثت خسائر ضخمة لكل القوات التركية العاملة في هذا القطاع و تاثيراتها العسكرية و السياسية سيكون لها صدي واسع علي كل الاصعدة.