تقرير: لماذا تبخرت مظلة الدفاع القطرية؟

عقب الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مقر حركة حماس في الدوحة، ثار تساؤل واسع حول فعالية القدرات الدفاعية القطرية المتطورة. تمتلك قطر بالفعل منظومة متقدمة من الأصول الجوية وأنظمة الدفاع الجوي، القادرة نظرياً على توفير مظلة حماية شاملة تتناسب مع صغر مساحتها الجغرافية، سواء من حيث الكم أو النوعية. 

لكن الإشكال لا يكمن في الإمكانيات التقنية بحد ذاتها، بل في آليات اتخاذ القرار وتأثير الحسابات السياسية على توظيف هذه القدرات، إضافة إلى طبيعة الضربات الإسرائيلية الخاطفة التي تُنفَّذ في توقيت يصعب التنبؤ به. وهو ما يجعل حتى أكثر المنظومات تطوراً عاجزة عن الردع بالسرعة الكافية لاعتراض الهجوم، هذا يمثل العقيدة العسكرية الإسرائيلية القائمة على عنصر المفاجأة.

لازالت تفاصيل الضربة الإسرائيلية مبهمة لفهم و تحليل التكتيكات التي اتخذتها سلاح الجو الإسرائيلي خلال الهجوم.  لكن عند النظرًا لصغر قُطر الانفجار وتأثيره المحدود داخل المنزل ، أرجّح أن الضربة نُفّذت بواسطة قنابل صغيرة القُطر (SBD) من طراز GBU-39A/B ذات رأسٍ حربي صغير يزن نحو 113 كجم و بمدى أكثر من 110 كيلومتر . وبالإضافة إلى تأثيرها المحدود ، تُعدّ هذه القنابل خيارًا مناسبًا للمقاتلات الإسرائيلية لكونها خفيفة الوزن، ما يقلّل استهلاك الوقود عند الطيران على المسافات الطويلة بين إسرائيل وقطر. كما يمكن لمقاتلات F-35I Adir  حمل ثمانية قنابل من هذا النوع داخل الحجرة الداخلية من خلال الحاملات القنابل الذكية (BRU-61) ، مع الحفاظ على مقطعها الراداري المنخفض RCS  ويحدّ من بصمتها الحرارية مما يجعل من الصعوبة ان يتم كشفها عبر أنظمة الدفاع الجوي .

وفقًا لمسؤولين إسرائيليين، شاركت أكثر من 10 طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي - قبل الضربة وبعدها، تم تنفيذ عدة عمليات تزويد جوي بواسطة طائرات بوينغ 707 مع "عمالقة الصحراء" من السرب 120- في الضربة التي استهدفت المبنى، الواقع في حي "كتارا" في الدوحة، وكان تحت مراقبة وحماية جهاز أمن الدولة القطري - خلال الضربة تم الإعلان إصابة و مقتل عدد من ضباط الأمن القطريين - ويقع هذا الحي أيضًا على مقربة من وزارة الدفاع القطرية، وديوان القصر الملكي، بالإضافة إلى قاعدة الدوحة الجوية حيث يتم نشر دفاعات جوية مختلفة مثل بطاريات باتريوت MIM104 إلى جانب طائرات مقاتلة.

أما ما يخص مسار المقاتلات:

  • الاحتمال الأول: عبور المقاتلات الإسرائيلية من خلال البحر الأحمر و من ثم السعودية و من ثم الدخول في العمق القطري  لأصابة الهدف.

  •الاحتمال الثاني: هذا المسار هو الأطول لكنه الأكثر منطقية واقعية ، عبور الطائرات الإسرائيلية من فوق الأجواء السورية  و من ثم الأجواء العراقية  و وصولاً الى الخليج العربي و من ثم إلى نقطة إطلاق الصواريخ.

على الرغم من كل هذا كانت المظلة الدفاعية القطرية غائبة، و تتمثل هذه المظلة بمزيج من الأصول الجوية وعدة  طبقات من أنظمة الدفاع الجوي المصممة لتغطية مستويات مختلفة من التهديدات.


لدى قطر حوالي 98 مقاتلة متنوعة، تضم الآتي:

 - سربين من مقاتلات  Eurofighter Typhoon البالغ عددها 22 مقاتلة ، احد الأسراب مشتركة مع سلاح الجو الملكي البريطاني RAF.

 - 36 طائرة رافال منها 27 نسخة ماقعد واحد EQ و9 نسخة ذات مقعدين DQ. موزعة على ثلاثة أسراب.

  تمتلك هذه المقاتلات بجانب مقاتلات تايفون، صواريخ جو-جو بعيد المدى ( BVR) من طراز Meteor، صواريخ جو - جو متوسطة الى قصيرة المدى من طراز Mica RF ( موجّه بالرادار النشط)،صواريخ قصيرة المدى من طراز ASRAAM.

  - 40 مقاتلة من طراز F-15QA "ابابيل"، موزعة على ثلاث أسراب. تلك المقاتلات مزودة بحزمة تسليح دفاعية مميزة،تتمثل بصواريخ  AIM-120C-7 AMRAAM هو نسخة محسنة من صاروخ AMRAAM الأمريكي جو-جو متوسط إلى بعيد المدى، يتميز بنظام توجيه راداري نشط متقدم وقدرة مقاومة محسنة للتشويش الإلكتروني. بالإضافة لصواريخ AIM-9X Sidewinder II، وهي سلسلة متطورة من صواريخ جو-جو قصيرة المدى موجهة بالأشعة تحت الحمراء (حرارية)، وتعتبر من أحدث إصدارات صواريخ Sidewinder الأمريكية المستخدمة على نطاق واسع.


كما لدى قطر شبكة دفاع جوي متكاملة (IADS) تستطيع تغطية مساحتها الصغيرة، دون حتى الأنظمة الدفاعية الأمريكية الموجودة في قاعدة العديد. وتتكون هذه الشبكة من الآتي:

 - الدفاع الجوي بعيد المدى: ‏ 11  بطارية Patriot تضم بعضها صواريخ PAC-3 MSE المخصصة لاعتراض الصواريخ الباليستية متوسطة المدى، وكل بطارية بها 6 إلى 8 قواذف إطلاق، كل منها تحمل 4 صواريخ PAC-2 أو 16 صاروخ PAC-3. بالإضافة إلى رادار الإنذار المبكر المتطور AN/FPS-132، للكشف والتتبع المبكر للصواريخ الباليستية والأجسام الطائرة لمسافات تصل إلى أكثر من 5000 كيلومتر. تعمل في حيز تردد (UHF)، مما يتيح له مسح منطقة واسعة من السماء وحتى خارج الغلاف الجوي. ويُعدّ الأحدث  في المنطقة بتكلفة بلغت 1.1 مليار دولار مع شركة رايثيون الأمريكية.

   - الدفاع الجوي متوسط المدى: هذه الطبقة تتعامل مع الصواريخ الباليستية قصيرة المدى MRBM و الطائرات المقاتلة. متمثلة في صواريخ PAC-2 و صواريخ PAC-3 CRI، كذلك وحدات NASAMS، وهو نظام دفاع جوي متوسط المدى تصنعه شركة Raytheon بالشراكة مع شركة Kongsberg Defense & Aerospace النرويجية.  يستخدم النظام صواريخ AIM-120 AMRAAM المحسنة للإطلاق من الأرض، وكذلك صواريخ AIM-9X Sidewinder قصيرة المدى. وكل منصة إطلاق في NASAMS بها 6 صواريخ.   تمتلك قطر نسخة خاصة من صواريخ هذه المنظومة، وهي AMRAAM-ER تتيح اعتراض الأهداف على مدى أطول وارتفاعات أعلى، مع سرعة تصل إلى حوالي 4 ماخ.

  - الدفاع الجوي قصير المدى: لدى قطر منظومات دفاع جوي  متنوعة للتعامل مع التهديدات قصيرة المدى، مثل المروحيات و الطائرات دون طيار و صواريخ كروز، ابرزها:

  • صواريخ FIM-92 Stinger: صواريخ دفاع جوي محمول على الكتف أمريكي موجه بالأشعة تحت الحمراء. يبلغ مدى الاشتباك حوالي 4.8 كم، ويعمل من خلال ملاحقة حرارية.   

  • صواريخ FN-6 (CH-SA-10): صاروخ صيني محمول على الكتف موجه بالأشعة تحت الحمراء . مدى الاشتباك 6 كم وارتفاع حتى 3.8 كم.

  • صواريخ Mistral: صاروخ مضاد للطائرات فرنسي محمول على الكتف، يستخدم التوجيه بالأشعة تحت الحمراء. مدى الاشتباك يصل إلى 6.5 كم، سرعة الصاروخ تصل حوالي 2.5 ماخ.   

  • المدفعية عيار 35 مم (Towed 35mm Gun): مدفع مضاد للطائرات عيار 35 ملم، يجر بواسطة عربة. يستخدم لاعتراض الطائرات، الطائرات المروحية، الصواريخ الطائرة والطائرات بدون طيار. يحتوي على نظام توجه وتحكم حديث لتتبع الأهداف. 

   • نظام Skynex (8 Skynex): نظام دفاع جوي قصير المدى ألماني من شركة Rheinmetall، يعتمد على مدافع آلية وأسلحة صاروخية متكاملة. يستخدم مدافع 35 ملم آلية متقدمة ومتصلة بنظام إدارة معركة متطور. قادر على التعامل مع الطائرات، الصواريخ التكتيكية والطائرات بدون طيار حتى مدى 4 كيلومترات.