تحليل: مستقبل دقة صواريخ المقاومة الفلسطينية بين مواجهة مايو 2021 وأغسطس 2022

قام الجيش الإسرائيلي في 5 أغسطس 2022 باستهداف القيادي في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي تيسير الجعبري أثناء تواجدة بشرفة منزلة في قطاع غزة، يأتي هذا في إطار توجية الجيش الإسرائيلي ضربة استباقية لحركة الجهاد الإسلامي تحسباً لقيامها بأي أعمال إنتقامية عقب إعتقال القيادي في الحركة بالضفة الغربية باسم السعدي ، وقد ردت الحركة بضربات صاروخية وقذائف متنوعة على عدة أهداف إسرائيلية في محيط قطاع غزة وبعض منها وصل إلى القدس.


وبعد وساطة مصرية، تم تفعيل وقف إطلاق النار بين حركة الجهاد الإسلامي وإسرائيل مساء امس 7-8-2022 في ظل محاولات لعدم توسعة المواجهة في مناطق أخرى، وقد أعلن الجيش الإسرائيلي حصيلة العملية العسكرية السريعة التي استمرت أقل من ثلاث ايام (55 ساعة) كالآتي :

- أطلقت حركة الجهاد 1100 صاروخ وقذيفة.
- 200 صاروخ وقذيفة سقطت داخل قطاع غزة.
- 520 صاروخ سقط في مناطق غير مأهولة بإسرائيل.
- 97% نسب تصدي منظومة القبة الحديدة لصواريخ وقذائف المقاومة الفلسطينية ـ 
- 11 صاروخ وقذيفة سقطت في مناطق ماهولة بإسرائيل ( مُستنتج من قبل الباحث).
- 380 صاروخ تم إعتراضهم بواسطة منظومة القبة الحديدة الإسرائيلية.
- 170 هدف لحركة الجهاد تم مهاجمتهم من قبل الجيش الإسرائيلي.
- 35فلسطيني تم استشهادهم جراء العملية العسكرية.
- لا توجد أى خسائر بشرية في إسرائيل.


وبالنظر إلى تلك الحصيلة ومقارنتها بحصيلة العملية العسكرية التي تمت في مايو من العام الماضي، سنجد بأن هناك بعض التفاوتات في بيانات العمليتين، فقد استمرت مواجهة العام الماضي لمدة 11 يوم بين جميع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وتوسعت أعمال الاستهداف من قبل الجانبين بشكل كبير حيث أطلقت المقاومة ما يقارب الـ 4360 صاروخ وقذيفة متعددة الأنواع والديات، ووصلت صواريخ المقاومة الفلسطينية إلى شمال تل أبيب وديمونة في الشرق، بينما تعامل الجيش الإسرائيلي بقوة مع الأهداف الفلسطينية التي كانت في بنك أهدافه، أو التي تم إكتشافها أثناء سير القتال، وقد شملت حصيلة تلك العملية الآتي :

- 680 صاروخ سقط داخل قطاع غزة.
- 90% نسب تصدي منظومة القبة الحديدة الإسرائيلية.
- 1210 صاروخ تصدت لهم منظومة القبة الحديدة الإسرائيلية (مُستنتج من قِبل الباحث)..
- 2470 صاروخ سقط في مناطق إسرائيلية غير مأهولة (مُستنتج من قِبل الباحث).
- 133 صاروخ سقط داخل مناطق إسرائيلية مأهولة (مُستنتج من قِبل الباحث).
- 675 منصة إطلاق صواريخ تم تدميرها من قبل الجيش الإسرائيلي.
- 1500 هدف تم تدميرهم داخل قطاع غزة من قبل الجيش الإسرائيلي.
- استهداف 200 من أفراد الفصائل الفلسطينية.
- قتل 13 إسرائيل في مناطق متفرقة نتيجة سقوط الصواريخ والقذائف.


وبالعمل على البيانات السابقة، يمكننا أن نجد بأن هناك إرتفاع في نسبة صواريخ المقاومة الفلسطينية التي سقطت داخل قطاع غزة في العملية العسكرية الأخيرة بمقدار تقريبي 3%، بينما هناك إنخفاض في عدد الصواريخ التي إنحرفت عن مسارها وسقطت في مناطق غير مأهولة بقدار تقريبي 9%، في حين أن قدرة الصد لمنظومة القبة الحددية للصواريخ والمقذوفات المنطلقة من قطاع غزة إرتفعت بمقدار  تقريبي 7%، وفيما يخص الصواريخ التي سقطت بالفعل في مناطق إسرائيلية مأهولة إنخفضت بقدار تقريبي 7%ـ

   

وبالنظر إلى وضع المقارنة بين العمليتين – مايو 2021 وأغسطس 2022 – ومن أن حركة الجهاد هي من شاركت وحدها هذه المره، مما يبرز بشكل أوضح قدرات ذلك الفصيل بشكل منفصل عن باقي الفصائل الفلسطينية في القطاع، وإنطلاقاً من هذا سنجد بأن الحركة خلال فترة العملية (55ساعة) أطلقت في المتوسط 480 صاروخا في الـ24 ساعة الأولى من القتال، وهو ما يكافئ تقريباً ما أطلقتة كافة الفصائل الفلسطينية جميعاً ومن ضمنهم الجهاد في العملية العسكرية في مايو من العام الماضي والتي وصلت إلى 500 صاروخ في نفس المدة ، ما يبرهن على قوتها الصاروخية التي يبدو بأنها على أقل تقدير تكافئ قدرات حماس.

ومن زاوية أخرى – وهي الأهم – فإن دقة صواريخ حركة الجهاد وفقاً للبيانات المرصوده أعلى من باقي فصائل المقاومة بنسبة تقارب الـ 10%، وحين تحويل تلك النسبة إلى أعداد من الصواريخ فذلك يمثل ضغطاً بنفس المقدار على منظومة القبة الحديدة الإسرائيلية، وعلى الرغم من أن صواريخ الجهاد التي سقطت بالفعل في مناطق إسرائيلية مأهولة تقل بمقدار 7% عن نسبة العام الماضي، إلا أن ذلك قد يرجع بشكل كبير إلى أن الحركة قد وزعت مجهود صواريخها على عدد أهداف كبير بالقرب من قطاع غزة بشكل ملحوظ، إلى جانب إحتمالية زيادة الجيش الإسرائيلي لأعداد منظومات أو قواذف القبة الحديدة في نطاق غلاف غزة، وهو ما قد يفسر إرتفاع نسب التصدي للمنظومة بشكل ملحوظ في هذه المواجهة مقارنة بمواجهة العام الماضي.   

مستقبل الأداة الصاروخية للمقاومة في غزة:
في ظل الصراع المبادل بين الفصائل الفلسطينية في غزة بأدواتها الصاروخية بشكل خاص، وبين الجيش الإسرائيلي الذي يطور بشكل متسارع من منظومات التصدي لهذه الصواريخ، ومع رصد المعدلات المتنوعة أثناء المواجهات بين الطرفين التي تختلف من مواجهة لأخرى، فتتفاوت تارة لصالح إسرائيل وتارة لصالح المقاومة في غزة، إلا أن المواجهتين الأخيرتين – مايو 2021 وأغسطس 2022 – يظهران ملامح تغيير للمعادلة قد تتجه في المستقبل القريب لصالح إسرائيل، ويدعم ذلك اللآتي:

1- إرتفاع قدرات منظومة القبة الحديدة الإسرائيلية على التصدي لصواريخ المقاومة في جولة أغسطس 2022 بشكل كبير، ما يؤشر على زيادة نسب إصاباتها بشكل أكبر مع مرور الوقت وزيادة المواجهات التي تؤدي جميعها إلى تطوير تلك المنظومات بشكل أكثر تسارعاً وعملياتياً وليس نظرياً.
2- إنخفاض نسب دقة الإصابة لصواريخ المقاومة في غزة بشكل كبير، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى عدم جودة الصناعات المحلية لتلك الصواريخ، وأنها مازالت تحتاج إلى موارد وتقنيات أكثر دقة.
3- عدم قدرة فصائل المقاومة على تحييد منظومة القبة الحديدة الإسرائيلية بشكل كبير، سواء بالإعاقة أو الإسكات، ما يجعل شبكة الصد الإسرائيلية تعمل دون تعرضها ضغط تجبرها على تقييد أو تقليص عمل أى من تلك المنظومات، سوى عامل واحد فقط وهو كثافة الإطلاق من قِبل الفصائل الفلسطينية في غزة، وهو عامل يمكن تجاوزة من خلال زيادة عدد قواذف الإطلاق لكتيبة القبة الحديدة الواحدة، ما يضمن استمرارية الإشتباك دون الإضطرار للتوقف لإعادة التذخير.
4- زيادة الاستثمارات الإسرائيلية مع شركاء غربيين في تطوير منظومة مضادة للصواريخ الغير موجهة تعتمد على تدمير الصواريخ من خلال قوة الشعاع الليزري، مما يزيد من فاعلية تلك المنظومات ويقلل من تأثير صواريخ المقاومة في غزة.