بدأت ألمانيا في بناء البنية الأساسية اللازمة لنشر نظام الدفاع الصاروخي "حيتس 3"، الذي طورته إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة، في قاعدة هولزدورف الجوية، على بعد حوالي 75 كيلومترًا جنوب برلين. يهدف هذا المشروع الاستراتيجي إلى سد الفجوة في قدرات الدفاع الجوي الألمانية من خلال توفير اعتراض على ارتفاعات عالية ضد الصواريخ الباليستية، وهي القدرة التي كانت غائبة سابقًا عن ترسانتها. وفقًا لوكالة المشتريات العسكرية الألمانية، من المتوقع أن تصل القدرة التشغيلية الأولية إلى ذروتها بحلول عام 2025، مع التخطيط للنشر الكامل بحلول عام 2030.
يعد "حيتس 3" نسخة مطورة من نظام "حيتس 2"، حيث يشتمل على تقنية اعتراض خارج الغلاف الجوي تعتمد على آلية "الضرب للقتل"، مما يسمح له بتحييد التهديدات الباليستية على ارتفاعات تتجاوز 100 كيلومتر وعلى مدى يصل إلى 2400 كيلومتر. وتشمل كل بطارية ستة صواريخ جاهزة للإطلاق مخزنة في حاويات فردية على مقطورة تسحبها شاحنة عسكرية. ويتكامل النظام مع رادار EL/M-2084 Super Green Pine، الذي يوفر الكشف والتتبع، فضلاً عن مركز إدارة المعارك Golden Citron ونظام التحكم في الإطلاق Hazelnut Tree، الذي طورته شركة Elbit Systems وIsrael Aerospace Industries (IAI)، على التوالي.
تم تصميم صاروخ Arrow 3 لاعتراض الصواريخ الباليستية التي تحمل حمولات تقليدية أو أسلحة دمار شامل قبل دخولها الغلاف الجوي للأرض. ويعد نشره في ألمانيا جزءًا من مبادرة الدرع السماوية الأوروبية (ESSI)، وهو برنامج يهدف إلى تعزيز دفاع القارة ضد التهديدات الناشئة، وخاصة في سياق غزو روسيا لأوكرانيا. ويعكس هذا الاستحواذ جهود برلين لتحديث أنظمة الدفاع الجوي وتحسين التوافق مع البنية التحتية الدفاعية لحلف شمال الأطلسي.
ومع ذلك، فإن المناقشات الأمنية الأوروبية تتشكل بشكل متزايد من خلال ديناميكيات جيوسياسية أوسع، وخاصة بعد عودة دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة وموقفه الأكثر تصالحية تجاه روسيا. خلال حملته الانتخابية، شكك ترامب في التزام الولايات المتحدة بحلف شمال الأطلسي واقترح أن تتحمل الدول الأوروبية مسؤولية أكبر عن دفاعها. وقد أثار موقفه، إلى جانب التحول المحتمل في السياسة الخارجية الأميركية، مخاوف في أوروبا بشأن موثوقية الدعم الأميركي، وخاصة فيما يتصل بأوكرانيا.
واستجابة لهذه الشكوك، تعيد الدول الأوروبية تقييم الحاجة إلى تعزيز قدراتها الدفاعية بشكل مستقل عن واشنطن. وقد اكتسبت مبادرة الدرع السماوية الأوروبية، التي تشمل أرو 3، أهمية استراتيجية متزايدة. ويتماشى استثمار ألمانيا في الدفاع الصاروخي مع هدفها الأوسع المتمثل في تعزيز الأمن الأوروبي مع معالجة الدعوات إلى مزيد من الاستقلال الاستراتيجي داخل المنطقة.
ستكون هولزدورف أول ثلاثة مواقع قيادة وإطلاق مخطط لها لصواريخ أرو 3 في ألمانيا. ومن المتوقع أن يكتمل البناء بحلول عام 2028، مما سيمكن من تقديم النظام على مراحل. كما تجري دراسات لتحديد مواقع المنشآت الإضافية في شمال وجنوب ألمانيا، حيث سيتم إنشاء البنية التحتية الداعمة في وقت لاحق.
من خلال دمج نظام أرو 3، تعمل ألمانيا على توسيع قدراتها الدفاعية الصاروخية لمواجهة التهديدات بعيدة المدى. إن هذا الاستحواذ يمثل خطوة مهمة في تطوير البنية الأمنية الأوروبية ويسلط الضوء على الأهمية المتزايدة للتعاون الدفاعي بين الدول الأوروبية. ومع ذلك، تظل هناك تساؤلات بشأن اعتماد أوروبا على الولايات المتحدة في الأمد البعيد والمدى الذي قد تتمكن فيه القارة من تطوير استراتيجية أمنية أكثر استقلالية في ظل الديناميكيات الجيوسياسية المتغيرة.