وافق الكونجرس الأمريكي في 21 مايو 2025، على صفقة بيع 1400 قنبلة بوينغ صغيرة القطر من طراز GBU-39/B (SDB-I) إلى بولندا، وهي خطوة حاسمة في تعزيز الموقف الدفاعي الشرقي لحلف الناتو. تشمل الصفقة، التي تبلغ قيمتها 180 مليون دولار، أيضًا الدعم اللوجستي والتدريب وذخائر التدريب الخاملة. تؤكد هذه الموافقة التزام واشنطن بتعزيز قدرات حلفائها على توجيه الضربات الدقيقة في فترة تتسم بعدم الاستقرار الإقليمي وتزايد التهديدات الجيوسياسية من روسيا.
قنبلة GBU-39/B، التي طورتها شركة بوينج للدفاع والفضاء والأمن، هي قنبلة انزلاقية دقيقة التوجيه، وزنها 250 رطلاً، مصممة لضرب الأهداف الثابتة بدقة عالية. يبلغ طولها 1.8 متر وقطرها 19 سنتيمترًا، وهي مجهزة بنظام ملاحة بالقصور الذاتي بمساعدة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، مما يوفر احتمال خطأ دائري (CEP) أقل من متر واحد. ومن أهم ميزاتها مجموعة الجناح الخلفي الماسي، التي طورتها شركة MBDA، والتي تُنشر في منتصف الرحلة لتوسيع مدى القنبلة إلى أكثر من 110 كيلومترات. تحمل GBU-39/B رأسًا حربيًا متفجرًا مخترقًا يزن 93 كجم مع أنف من التنغستن، قادر على اختراق أكثر من 90 سم من الخرسانة المسلحة.
أُطلقت SDB-I في البداية من قبل القوات الجوية الأمريكية في العراق عام 2006، ومنذ ذلك الحين أثبتت فعاليتها في النزاعات التي تتطلب الدقة والحد الأدنى من الأضرار الجانبية. وهي مدمجة مع طائرات متعددة بما في ذلك F-15E وF-16 وF-22 وGripen وAC-130W، وهي قيد التكامل الكامل مع F-35 Lightning II. استُخدم هذا السلاح في القوات الجوية المتحالفة في أستراليا وإسرائيل وكوريا الجنوبية، ومؤخرًا في أوكرانيا، حيث أفادت التقارير أن قنابل SDB-I التي تُطلق جوًا تحقق فعالية تصل إلى 90% في المجال الجوي المتنازع عليه.
يتيح تصميم SDB-I المدمج تركيب ما يصل إلى أربع قنابل على حامل BRU-61/A واحد، مما يضاعف حمولة الطائرة المقاتلة أربع مرات مقارنةً بالقنابل التقليدية التي تزن 2000 رطل. سيكون هذا التكوين مفيدًا بشكل خاص لطائرات F-16C/D Fighting Falcons البولندية، التي يتم ترقيتها حاليًا إلى معيار F-16V، ولأسطول مقاتلات الشبح F-35A Lightning II القادم المكون من 32 مقاتلة، والمقرر تسليمها اعتبارًا من عام 2026. يوفر دمج قنابل GBU-39/B مع هذه المنصات للقوات البولندية مدىً معززًا من مسافة بعيدة وقدرة فتك متعددة المهام.
بالمقارنة مع أنظمة مماثلة مثل Raytheon GBU-53/B StormBreaker، وKAB-250 الروسي، وFT-7 الصيني، فإن GBU-39/B يوفر مزيجًا متفوقًا من المدى والفعالية من حيث التكلفة والتكامل مع طائرات الناتو المتقدمة. وبينما يضيف StormBreaker توجيهًا متعدد الأوضاع وقدرات على الأهداف المتحركة، فإن تكلفة الوحدة الواحدة تتجاوز 200,000 دولار أمريكي. في المقابل، يبلغ سعر GBU-39/B حوالي 40,000 دولار أمريكي، مما يجعله خيارًا جذابًا للنشر الجماعي والعمليات المستدامة.
من الناحية الاستراتيجية، يعزز هذا البيع دور بولندا كدولة في الخطوط الأمامية لحلف الناتو قادرة على تنفيذ غارات جوية دقيقة ضد أهداف ثابتة في أوروبا الشرقية، وخاصة في منطقتي Suwalki Gap وKaliningrad. ومن خلال الجمع بين منصات الإطلاق الشبحية مثل F-35A والقنابل الدقيقة بعيدة المدى، تعزز بولندا بشكل كبير موقفها الرادع.
كما يتماشى هذا الاستحواذ مع التحول الاستراتيجي لحلف الناتو نحو القتل الموزع والعمليات متعددة المجالات في البيئات المتنازع عليها. يعكس البعد المالي للصفقة بناء قدرات فعالة من حيث التكلفة: 180 مليون دولار أمريكي لـ 1400 وحدة والبنية التحتية الداعمة لها. وتنفذ بوينغ، بصفتها المقاول الرئيسي، في الوقت نفسه تسليمات الدفعة 20 من الإنتاج، مع طلبات تمتد حتى عام 2035. وتشمل العقود السابقة مبيعات للمغرب (500 وحدة مقابل 86 مليون دولار أمريكي) ورومانيا (400 وحدة مقابل 84 مليون دولار أمريكي)، مما يُظهر استمرار جاذبية القنبلة دوليًا ومرونة دمجها.
تمثل الموافقة على بيع قنابل GBU-39/B إلى بولندا تعزيزًا كبيرًا لقدراتها على توجيه ضربات دقيقة، وتعميقًا للتوافق الاستراتيجي داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو). ومن خلال امتلاكها إحدى أكثر القنابل الانزلاقية إحكامًا وفعالية في العالم، تُجهز بولندا قواتها الجوية لبيئات عملياتية عالية الخطورة، مما يُعزز مكانتها كمساهم رئيسي في بنية الدفاع الأمامية للحلف. ويضمن دمج GBU-39/B مع منصتي F-16V وF-35A قدرة مستقبلية تجمع بين التخفي والقوة النارية والدقة، وهي ميزة حاسمة في الحرب الحديثة.