حققت شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية (TUSAŞ) إنجازًا جديدًا في تطوير منظومتها القتالية الجوية ذاتية القيادة بإطلاق طائرة Super Şimşek بدون طيار عالية السرعة بنجاح في منتصف رحلتها من طائرتها الشبحية بدون طيار ANKA III. أُجري هذا الاختبار في 8 أبريل 2025، على ارتفاع 10,130 قدمًا وبسرعة جوية حقيقية تبلغ 150 عقدة، ويمثل خطوة مهمة إلى الأمام في برنامج Otonom Kol Uçucusu (OKU - Autonomous Wingman) التابع لشركة Türkiye، وهو مبادرة استراتيجية تهدف إلى دمج المنصات غير المأهولة مع الطائرات المأهولة في بيئة حربية مترابطة.
كُشف النقاب عن طائرة ANKA III عام ٢٠٢٣، وأكملت رحلتها الأولى في ديسمبر من العام نفسه، وهي تُمثل أحدث تطور في أنظمة TUSAŞ بدون طيار، مُستفيدةً من خبرة برنامجي ANKA وAKSUNGUR. تتميز طائرة ANKA III بتصميم جناح طائر بدون ذيل، يهدف إلى تقليل المقطع العرضي للرادار وتعزيز الكفاءة الديناميكية الهوائية، وهي مُجهزة بمحرك توربيني مروحي، مما يسمح لها بالوصول إلى سرعات تصل إلى ٠.٧ ماخ وارتفاعات تصل إلى ٤٠ ألف قدم. كما تُوفر الطائرة قدرة تحمّل تصل إلى ١٠ ساعات، ويمكنها حمل ما يصل إلى ١٢٠٠ كجم من الحمولة في حجرات داخلية، مما يدعم مهام تتراوح من الاستطلاع الاستراتيجي إلى الضربات الدقيقة في المجال الجوي المتنازع عليه.
يُضيف هذا الاختبار الأخير قدرة جديدة إلى طائرة ANKA III من خلال تأكيد قدرتها على نشر أنظمة جوية بدون طيار مثل Super Şimşek. نتيجةً لذلك، توسّعت هذه المنصة لتتجاوز دور طائرة الهجوم المسيرة التقليدية، لتتطور إلى مُضاعِف قوة قادر على إدارة عمليات جوية متعددة الطبقات. سوبر شيمشك، التي طورتها شركة توساش كنسخة أكثر تطورًا من طائرة شيمشك المُستهدفة، هي طائرة مسيّرة عالية السرعة مُصممة لأداء مهام متعددة، بما في ذلك الهجمات الحركية، والحرب الإلكترونية، والاستطلاع، ومهام التضليل. بمدى يصل إلى 700 كيلومتر وسرعة قصوى تقترب من 0.9 ماخ، تدعم الطائرة حمولات متنوعة، بما في ذلك مُحسِّنات توقيع الأشعة تحت الحمراء/الترددات الراديوية، والرؤوس الحربية المتفجرة، وأنظمة التشويش، وأجهزة الاستشعار الكهروضوئية، وأجهزة استقبال الرادار. كما يُمكن تزويدها بباحثات ترددات الراديو/الليزر للمهام جو-أرض، أو باحثات الأشعة تحت الحمراء للاشتباكات جو-جو.
برنامج OKU هو استجابة تركيا الوطنية لمفهوم Loyal Wingman الناشئ عالميًا، والذي يتضمن نشر طائرات بدون طيار شبه مستقلة لدعم الطائرات المقاتلة الموجهة خلال المهام عالية الخطورة. صُمم البرنامج للعمل جنبًا إلى جنب مع منصات مثل Hürjet و KAAN، بالإضافة إلى أنظمة بدون طيار مثل ANKA III و Super Şimşek، ويهدف إلى تمكين التشكيلات التعاونية، وتنفيذ المهام بشكل لامركزي، وتعزيز القدرة على البقاء في العمليات الجوية المعقدة. كما يتضمن المفهوم دمج البيانات في الوقت الفعلي، والتخطيط الموحد للمهام، والتواصل السلس بين الأصول، مما يقلل من عبء عمل الطيارين مع تحسين التنسيق التشغيلي.
من الناحية التكنولوجية، يُبرز نجاح هذا الاختبار القدرة المتزايدة لأنظمة تركيا بدون طيار. يأتي ذلك بعد إنجاز بارز منفصل في مارس 2025، عندما أطلقت ANKA III بنجاح قنبلة LGK-82 الموجهة من شركة ASELSAN، مؤكدةً توافقها مع الذخائر المطورة محليًا مثل مجموعة التوجيه TEBER-82 وقنبلة TOLUN. في هذا الاختبار، زُوّد النموذج الأولي مؤقتًا بنظام ASELFLIR-500 الكهروضوئي/الأشعة تحت الحمراء، ريثما يتم دمج نظام TOYGUN-100 EOTS ونسخة مُعدّلة من رادار MURAD AESA.
يُظهر نشر نظام Super Şimşek من ANKA III أكثر من مجرد تكامل ميكانيكي أو برمجي، بل يؤكد الجدوى التشغيلية لمفهوم OKU. تعمل ANKA III الآن ليس فقط كمنصة هجوم دقيقة قادرة على التخفي، بل أيضًا كمنصة إطلاق للطائرات بدون طيار، وهي قدرة توفر مزايا كبيرة في سيناريوهات التشغيل الديناميكية.
من منظور صناعي، يعكس هذا الاختبار جهود تركيا الأوسع نطاقًا لتحقيق الاستقلالية الاستراتيجية في تقنيات الدفاع. على وسائل التواصل الاجتماعي، وصف رئيس وكالة صناعة الدفاع، هالوك غورغون، هذا الإنجاز بأنه دليل على المستوى الهندسي الذي تم تحقيقه في الأنظمة بدون طيار عالية السرعة وعالية الارتفاع. أشار محمد ديمير أوغلو، المدير العام لشركة توساش، إلى أن هذه الخطوة تُجسّد التوجه التقني للبلاد والتزامها طويل الأمد بتطوير قطاع الطيران والفضاء.
من الناحية الاستراتيجية، يُشير هذا الاختبار إلى التقدم المُحرز في تبني مبادئ قتال جوي جديدة قائمة على الاستقلالية والعمل الجماعي بين الإنسان والآلة. وقد أصبحت تركيا من الدول القليلة التي تُبرهن على هذا النوع من القدرات باستخدام أنظمة محلية الصنع. ومع تزايد تشبع الحرب الجوية واحتدامها، يُظهر دمج طائرات أنكا 3 وسوبر شيمشك نهجًا يُركز على أنظمة جوية شبكية ومتكيّفة.
يُمثل الإطلاق الجوي لطائرة سوبر شيمشك من طراز أنكا 3 تقدمًا ملحوظًا في قدرات الطائرات المُسيّرة القتالية ذاتية التشغيل في تركيا. ويؤكد هذا الإنجاز دمج التخفي والذكاء الاصطناعي والحمولات المعيارية والتنسيق التكتيكي في مفهوم عملياتي واحد. ومع استمرار التطوير، من المُتوقع أن يُعيد برنامج أوكو تعريف استخدام الطائرات المُسيّرة، بالإضافة إلى مناهج القتال الجوي المستقبلية، مما يُعزز دور شركة صناعات الفضاء التركية في المشهد الدفاعي العالمي.