تمر تركيا بمرحلة حرجة في استراتيجيتها للطيران العسكري، حيث تُجري صناعة الدفاع في البلاد تقييمًا دقيقًا لعرض بديل من اتحاد شركات الطيران العملاقة لشراء طائرات يوروفايتر تايفون المقاتلة. يُجري هذا الاتحاد، المُكوّن من شركات إيرباص، وبي إيه إي سيستمز، وليوناردو، محادثات مع تركيا بعد حرمانها من طائرات إف-35 الأمريكية الصنع بسبب التوترات السياسية. وبينما تُعدّ تركيا عرضًا مُقابلًا، فإن مستقبل قدرات سلاحها الجوي على المحك، حيث تُقدّم يوروفايتر خيارًا قيّمًا مُحتملًا.
جاء قرار تركيا باستكشاف بدائل لطائرة إف-35 بعد استبعادها من برنامج إف-35 الذي تقوده الولايات المتحدة. وقد نشأت هذه المشكلة عندما اشترت تركيا نظام الدفاع الصاروخي الروسي إس-400. نتيجةً لذلك، مُنعت تركيا من المشاركة في برنامج F-35، مما أجبرها على إعادة النظر في استراتيجيتها للمشتريات العسكرية. في غياب طائرات F-35، ركزت تركيا على تحديث أسطولها الحالي، معتمدةً بشكل أساسي على طائرات F-16 القديمة، التي لا تزال حجر الزاوية في عمليات سلاحها الجوي. ومع ذلك، ومع تنامي بيئة التهديد والطلب المتزايد على قدرات القتال الجوي المتقدمة، تستكشف تركيا الآن خياراتٍ مثل يوروفايتر لضمان تفوقها الجوي في العقود القادمة.
عند مقارنة أسعار يوروفايتر في السوق والطائرات المحتملة الأخرى، تأتي يوروفايتر تايفون بسعرٍ أعلى نسبيًا. تُقدر تكلفة كل طائرة يوروفايتر بحوالي 100 مليون دولار إلى 120 مليون دولار، وهو سعرٌ مرتفعٌ مقارنةً بطائرة F-16، التي اشترتها تركيا بالفعل بأعدادٍ كبيرةٍ مقابل ما يقارب 30 مليون دولار إلى 40 مليون دولار للوحدة. على الرغم من ارتفاع تكلفة طائرة يوروفايتر، تدرس تركيا قدراتها المتطورة، مثل الأداء المتفوق متعدد الأدوار وخفة الحركة في سيناريوهات القتال الحديثة، مما قد يعزز بشكل كبير المدى التشغيلي لقواتها الجوية. في المقابل، تراوح سعر طائرة إف-35، التي كانت مخصصة في الأصل لتكون مقاتلة شبح متعددة الأدوار مستقبلية لتركيا، بين 90 مليون دولار و100 مليون دولار للوحدة، مع تكاليف إضافية للتطوير والتكامل.
تكشف المقارنة المباشرة بين يوروفايتر وإف-16 عن اختلافات كبيرة، لا سيما من حيث قدرات التخفي، وإلكترونيات الطيران، والأسلحة. تقدم يوروفايتر تقنية متفوقة مع نظام رادار أكثر تطورًا، وقدرة أفضل على المناورة، وسعة حمولة أكبر مقارنةً بطائرة إف-16. علاوة على ذلك، فإن استحواذ تركيا المحتمل على 40 طائرة يوروفايتر من شأنه أن يُكمل أسطولها الحالي، مما يوفر قدرة دفاعية أقوى. وفقًا لتقرير مجموعة تقدير الجيش حول معرض SAHA 2024، قدمت شركة BAE Systems نظام الرادار الأوروبي المشترك (ECRS)، والذي يُدرس دمجه في طائرة يوروفايتر تايفون. وقد أبدت تركيا اهتمامها بدمج رادار ECRS في أسطولها كجزء من جهودها لتعزيز قدراتها القتالية الجوية.
بالإضافة إلى نظام الرادار المتطور، يُسلط تحليل مجموعة تقدير الجيش الضوء أيضًا على موافقة تركيا على شراء صواريخ ميتيور لطائرات يوروفايتر تايفون. تجعل قدرات صاروخ ميتيور بعيدة المدى وأنظمة التوجيه المتطورة منه أحد أقوى أسلحة الجو-جو المتاحة حاليًا، مما يعزز بشكل كبير قدرة تركيا على إبراز قوتها في المنطقة. مع 40 طائرة يوروفايتر إضافية، سيستفيد سلاح الجو التركي من تعزيز التوافق التشغيلي داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتحسين القدرات في سيناريوهات القتال عالية الكثافة، وخطوة واضحة إلى الأمام في جهودها لتحديث بنيتها التحتية الدفاعية. بينما تتميز طائرة يوروفايتر بمزايا تكنولوجية حديثة، تبقى طائرة إف-16 طائرة متعددة الاستخدامات وفعالة من حيث التكلفة لمهام جو-جو وجو-أرض.
في ظلّ تطوّر المشهد الأمني في تركيا، يُمثّل قرارُها بشراء طائرات يوروفايتر ردًا على توقف برنامج إف-35 فرصًا وتحديات. ورغم أنّ سعر يوروفايتر أعلى من سعر إف-16، إلا أنّ قدراتها المتطوّرة تجعلها رصيدًا قيّمًا للقوات الجوية التركية، لا سيما مع تصاعد التوترات في المنطقة. إنّ اقتناء 40 طائرة يوروفايتر لن يُعزّز الموقف الدفاعي لتركيا فحسب، بل سيُرسّخ أيضًا دورها الاستراتيجي داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو). ومن خلال التفاوض الدقيق وصياغة مقترح مضادّ قويّ، ستجني تركيا فوائد كبيرة طويلة الأجل من خلال تحديث أسطولها الجوي والحفاظ على ميزة تنافسية في الأجواء.