أكد رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد حسين باقري خلال زيارة رسمية إلى إسلام آباد عزم إيران على تعزيز العلاقات الاستراتيجية مع باكستان من خلال الإنتاج المشترك للمعدات العسكرية. جاء هذا التصريح، الذي أوردته وكالة أنباء تسنيم الإيرانية في 21 يناير 2025، خلال اجتماع مع رئيس أركان الجيش الباكستاني الجنرال عاصم منير. تعكس المبادرة الطموح المشترك للبلدين لتعميق التعاون الدفاعي مع معالجة التحديات الأمنية المتبادلة.
أكد الجنرال باقري خلال الاجتماع على أهمية التنسيق الوثيق وتبادل المعلومات الاستخباراتية لمكافحة الجماعات الإرهابية التي تعمل على طول حدودهما المشتركة. وأشاد بجهود باكستان لمواجهة جماعة جيش العدل، المعروفة في إيران باسم جيش الظلام، وشدد على الحاجة إلى دوريات حدودية منسقة وتدريبات عسكرية مشتركة لتحسين الأمن في المناطق الحساسة، مثل محافظة سيستان وبلوشستان، التي لا تزال عرضة للأنشطة الإرهابية.
إن التعاون العسكري بين إيران وباكستان يمتد إلى ما هو أبعد من مكافحة الإرهاب. واقترح الجنرال باقري إجراء مناورات بحرية مشتركة لتعزيز الأمن البحري وإظهار النفوذ الإقليمي. كما سلط الضوء على أهمية التوافق الاستراتيجي بين الدول الإسلامية الرئيسية، بما في ذلك إيران وباكستان وتركيا والمملكة العربية السعودية، لتحقيق الاستقرار في المنطقة ومعالجة التحديات السياسية والأمنية المعقدة. ويؤكد هذا النهج على الحاجة إلى مزيد من التضامن بين هذه الجهات الفاعلة للاستجابة بفعالية للقضايا الجيوسياسية الإقليمية.
وعلى نطاق أوسع، أكد الجنرال باقري على أهمية تعزيز السلام والاستقرار في أفغانستان. وشدد على ضرورة الحوار البناء بين إيران وباكستان لتخفيف التوترات في الدولة المجاورة ومنع المزيد من زعزعة الاستقرار. تظل أفغانستان مصدر قلق بالغ الأهمية لكلا البلدين بسبب موقعها الجغرافي الاستراتيجي والآثار الجانبية المحتملة لعدم استقرارها على حدودهما.
إن زيارة الجنرال باقري إلى إسلام أباد تستند إلى تاريخ من التعاون الدفاعي الثنائي. في عام 2018، أسفرت مناقشات مماثلة عن التزامات بتطوير مشاريع دفاعية مشتركة. وتضمنت الاتفاقيات التي تم توقيعها بين وزير الدفاع الإيراني العميد أمير حاتمي ووزير الدفاع الباكستاني رانا تنوير حسين تعزيز التدريب العسكري وتبادل المعلومات الاستخباراتية وأمن الحدود. وفي حين واجهت مثل هذه التبادلات قيودًا بسبب الضغوط الدولية، فإنها تظهر جهدًا متواصلًا من جانب البلدين لتعزيز تعاونهما.
خلال زيارته، التقى الجنرال باقري أيضًا بالرئيس الباكستاني آصف علي زرداري لمناقشة سبل تعميق التعاون الاستراتيجي. وسلطت المناقشات الضوء على التزام البلدين بمعالجة التحديات المتعلقة بالحدود، بما في ذلك الجماعات المسلحة والتهديدات الأمنية المستمرة. ويعكس هذا النهج البراجماتي نية مشتركة لمعالجة القضايا الفورية مع وضع الأساس للتعاون المستدام.
بالتوازي مع هذه المناقشات السياسية والعسكرية، عرضت إيران قدراتها الدفاعية في معرض IDEAS 2024 الذي أقيم في كراتشي في نوفمبر. ومن بين المنتجات المقدمة طائرة بدون طيار غزة، والتي شهدت استخدامًا ميدانيًا واسع النطاق. ويؤكد هذا العرض التكنولوجي على هدف إيران المتمثل في ترسيخ مكانتها في صناعة الدفاع وإقامة شراكات استراتيجية، بما في ذلك مع باكستان، لتطوير ونشر الأنظمة المتقدمة.
إن التعاون العسكري المتصور بين إيران وباكستان من شأنه أن يعزز بشكل كبير استقلاليتهما الاستراتيجية في حين يعمل على تحسين الأمن الإقليمي. ومن خلال الجمع بين الجهود ضد الجماعات الإرهابية مثل جيش العدل، يهدف البلدان إلى تحقيق الاستقرار في المناطق الحرجة والتخفيف من حدة التهديدات عبر الحدود. وعلاوة على ذلك، فإن هذه المبادرة من شأنها أن تضع الدولتين في موقع اللاعبين المؤثرين في العالم الإسلامي، مما يمهد الطريق لشراكات موسعة مع دول مثل تركيا والمملكة العربية السعودية.
ومع ذلك، فإن هذا التعاون يثير أسئلة حساسة، وخاصة فيما يتصل بالقضايا النووية. وفي حين تركز الشراكة على المعدات التقليدية، فقد يُنظَر إليها باعتبارها تهديداً استراتيجياً من قِبَل القوى الدولية مثل الولايات المتحدة وإسرائيل، التي تراقب عن كثب الأنشطة النووية الإيرانية. وفي المقابل، قد تواجه باكستان ضغوطاً دبلوماسية أو اقتصادية إذا تعارض التعاون مع التزاماتها الدولية أو توقعات حلفائها التقليديين.
وقد يؤثر هذا التحالف بشكل كبير أيضاً على الديناميكيات الإقليمية، وخاصة مع الهند، التي قد تنظر إلى الشراكة المتنامية بين إيران وباكستان باعتبارها تحدياً أمنياً، وخاصة في سياق كشمير. ومن الناحية الاقتصادية، تتمتع الشراكة بإمكانية تعزيز الصناعات الدفاعية في كلا البلدين ولكنها تخاطر أيضاً بتعريض باكستان للعقوبات الدولية. وسيكون لكيفية تطور هذا التعاون أهمية محورية في تشكيل التوازنات الاستراتيجية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا.