تتخذ كولومبيا خطوة حاسمة نحو تحديث أسطولها الجوي من خلال الالتزام بشراء طائرات جريبن المقاتلة من شركة ساب، وهي شركة دفاع سويدية رائدة. ووفقًا لتقارير من Ekot، خدمة الأخبار الإذاعية العامة السويدية، فإن اتفاقية الشراء هذه، على الرغم من عدم تأكيدها رسميًا بعد، على وشك الانتهاء. تهدف هذه الصفقة، التي تقدر قيمتها بـ 35 مليار كرونة سويدية، أو ما يقرب من 3 مليارات يورو، إلى تجهيز القوات الجوية الكولومبية بمقاتلات حديثة لتحل محل أسطولها القديم من طائرات كفير، والتي أصبحت عبئًا ماليًا كبيرًا على ميزانية الدفاع في البلاد.
Saab JAS 39 Gripen هي مقاتلة أحادية المحرك ومتعددة الأدوار طورتها شركة Saab السويدية لتحل محل Saab 35 Draken و 37 Viggen في القوات الجوية السويدية. تم تصميم طائرة جريبن لتلبية متطلبات القتال الجوي الحديث، وهي تتضمن تصميمًا ديناميكيًا هوائيًا متقدمًا بجناح دلتا وأجنحة جانبية متقاربة، مما يوفر قدرة مناورة استثنائية وأداء إقلاع وهبوط محسن. يعمل نظام التحكم الرقمي الثلاثي على تعزيز الاستقرار والاستجابة. تعمل الطائرة بمحرك توربيني من طراز Volvo Aero RM12، مشتق من F404 من شركة جنرال إلكتريك، مما يسمح بسرعة قصوى تبلغ 2 ماخ ونطاق تشغيلي ممتد. تعمل قمرة القيادة الحديثة، المجهزة بثلاث شاشات ملونة متعددة الوظائف ونظام HOTAS (Hands-On-Throttle-And-Stick)، على تحسين الوعي الظرفي وكفاءة الطيار.
تتوفر طائرة جريبن في عدة إصدارات لتلبية متطلبات القوات الجوية المختلفة. تبع الإصدارات الأولية JAS 39A وB ذات المقعدين JAS 39C وD المتوافقة مع حلف شمال الأطلسي، مع قدرات تسليح وإلكترونيات موسعة، بما في ذلك التزود بالوقود أثناء الطيران. وتقدم النسخة الأحدث، وهي Gripen E/F، تحسينات كبيرة، مثل زيادة سعة الوقود، وأنظمة الطيران الإلكترونية المتقدمة، وحمولة أعلى. وتشمل الأسلحة المتنوعة التي تمتلكها Gripen مدفع ماوزر داخلي عيار 27 ملم والقدرة على حمل مجموعة متنوعة من الصواريخ جو-جو وجو-أرض، فضلاً عن القنابل الموجهة. ويضمن رادار PS-05/A النبضي دوبلر، الذي تم تطويره بالتعاون مع شركة إريكسون وشركة جي إي سي ماركوني، الكشف المتزامن وتتبع أهداف متعددة في ظل ظروف جوية متنوعة. كما تعمل أنظمة الحرب الإلكترونية المتكاملة وروابط البيانات الآمنة على تعزيز فعاليتها التشغيلية في البيئات المعادية.
وقد ذكرت وسائل الإعلام المحلية والدولية في وقت سابق أن الحكومة الكولومبية كانت تفكر في هذا الاستحواذ بسبب عمر أسطولها الحالي من طائرات كفير المصنوعة في إسرائيل. وفي حين خدمت طائرات كفير بفعالية على مدى سنوات عديدة، فقد أصبحت صيانتها مكلفة، حيث تجاوزت تكاليف الصيانة 25 ألف دولار لكل ساعة طيران. ولمعالجة هذا، اضطرت القوات الجوية الكولومبية إلى تفكيك ست طائرات لاستخدامها كقطع غيار. وتتطلع كولومبيا الآن إلى استبدال أسطولها القديم من طائرات كفير بمقاتلة جريبن متعددة المهام من إنتاج شركة ساب، والتي يتم عرضها حاليًا بالحجم الكامل في معرض إكسبو ديفنسا 2023. ويعالج هذا الاختيار الاستراتيجي الحاجة الملحة للقوات الجوية الكولومبية للتحديث. وتشكل طائرة جريبن، المعروفة بمرونتها وقدراتها في الحرب الإلكترونية وتكاليف التشغيل المنخفضة، حلاً جذابًا لكولومبيا. وبعيدًا عن أدائها، تقترح شركة ساب شراكة تكنولوجية تنطوي على تعاون محلي مع المؤسسات الكولومبية، مما يعد بفوائد اقتصادية طويلة الأجل للبلاد.
وقد تقدمت المفاوضات بفضل التعاون بين السويد والبرازيل، الشريك الاستراتيجي لشركة ساب في أمريكا الجنوبية. وقد سهلت هذه الشراكة التمويل، وهو جانب حاسم بالنسبة لكولومبيا، التي تواجه قيودًا على الميزانية. في السابق، كانت كولومبيا قد فكرت في شراء 16 طائرة رافال من شركة داسو للطيران الفرنسية، لكن التحديات المالية منعت الصفقة من التحقق، مما أدى إلى توقف هذا المشروع الطموح.
وفي هذا السياق، وعلى الرغم من أن الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو ظل متحفظًا منذ فشل مفاوضات داسو، فقد تم اعتماد نهج جديد للشراء. ومن بين الخيارات التي تم النظر فيها، بدا في البداية أن طائرة إف-16 بلوك 70/72 من إنتاج شركة لوكهيد مارتن هي الخيار المفضل لدى مسؤولي الدفاع الجوي الكولومبيين. ومع ذلك، ظهرت طائرة غريبن إي من إنتاج شركة ساب كبديل قابل للتطبيق، حيث احتلت المرتبة الثانية بين المنافسين، بما في ذلك طائرة رافال من إنتاج شركة داسو وطائرة يوروفايتر تايفون، التي أنتجها اتحاد يضم شركة إيرباص وشركة بي إيه إي سيستمز.
يحمل هذا الاستحواذ أهمية استراتيجية بالنسبة لكولومبيا، حيث يزودها بأسطول حديث وعالي الأداء أكثر ملاءمة للتحديات الأمنية والدفاعية الجوية المعاصرة. ومن خلال استبدال أسطولها القديم من طائرات كفير بطائرات غريبن إي، يمكن لكولومبيا تحقيق حل دفاعي طويل الأجل أكثر فعالية من حيث التكلفة والكفاءة مع تعزيز قدراتها التشغيلية. كما يمكن أن يعزز هذا الاستحواذ العلاقات بين كولومبيا والسويد والبرازيل، مما يعزز التعاون العسكري والاقتصادي بين هذه الدول.
وفي السنوات الأخيرة، وسعت شركة ساب بشكل كبير من حضورها في أمريكا الجنوبية، مما يمثل نموًا ملحوظًا في مبيعاتها في المنطقة. وكانت البرازيل في المقدمة، حيث وقعت عقدًا في عام 2014 لشراء 36 مقاتلة من طراز جريبن إن جي لتحديث أسطولها الجوي. وتضمنت هذه الشراكة اتفاقيات إنتاج محلية، وتعزيز نقل التكنولوجيا والتنمية الصناعية البرازيلية.
كما أعربت بيرو عن اهتمامها بشراء مقاتلات جريبن لتحديث أسطولها الجوي، على الرغم من أن المفاوضات لم تنته بعد. ويؤكد هذا الاهتمام على الجاذبية المتزايدة للحلول الدفاعية السويدية في المنطقة. وعلاوة على ذلك، عززت ساب حضورها في أمريكا اللاتينية من خلال المشاركة في المعارض الدفاعية وإقامة شراكات محلية، مما يدل على التزامها بتوسيع نفوذها وتلبية الاحتياجات المحددة للقوات المسلحة في أمريكا الجنوبية.