أخبار: السويد تنضم لأول مرة إلى مهمة حفظ الأمن الجوي لحلف الناتو بنشر مقاتلات Gripen في بولندا

في خطوة تاريخية ومهمة استراتيجيًا، انضمت السويد إلى مهمة حفظ الأمن الجوي المُعززة لحلف الناتو لأول مرة منذ انضمامها رسميًا إلى الحلف في مارس 2024. ولا يُمثل هذا أول مساهمة عسكرية عملياتية للسويد تحت قيادة الناتو فحسب، بل يُمثل أيضًا أول مشاركة لطائرات مقاتلة سويدية في مهام حفظ الأمن الجوي من أراضي دولة عضو أخرى في الناتو. وقد تم نشر ست طائرات مقاتلة متعددة المهام من طراز Saab JAS 39 Gripen تابعة لسلاح الجو السويدي في قاعدة مالبورك الجوية في بولندا، حيث تم دمجها في الموقف الدفاعي لحلف الناتو في منطقة البلطيق.

يُعد نشر طائرات جريبن المقاتلة السويدية جزءًا من مبادرة حفظ الأمن الجوي المُعززة لحلف الناتو (eAP)، وهي مهمة أُطلقت عام 2014 في أعقاب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم. تُعدّ عملية "المراقبة الجوية المُحسّنة" عمليةً استشرافيةً مُصممةً لحماية سلامة المجال الجوي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في الجزء الشرقي من الحلف، وخاصةً بين الدول الأعضاء في الخطوط الأمامية التي تشترك في حدود مع روسيا وبيلاروسيا. كما تهدف العملية إلى إظهار تضامن الحلف وردع أي انتهاكات أو اعتداءات جوية محتملة بالقرب من حدود الناتو.

ستعمل مقاتلات جريبن السويدية إلى جانب طائرات يوروفايتر تايفون التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني، والمنتشرة في إطار عملية تشيسمان التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني. تُعدّ يوروفايتر تايفون، وهي مقاتلة متعددة المهام ثنائية المحرك ورشيقة الحركة، قادرة على تنفيذ مهام التفوق الجوي والهجوم البري. وهي مُجهزة بأنظمة رادار واستشعار متطورة، ويمكنها حمل مجموعة واسعة من الذخائر جو-جو وجو-أرض، مما يجعلها منصةً مثاليةً لعمليات المراقبة الجوية. وبالمثل، تُعدّ طائرة ساب JAS 39 جريبن طائرة قتالية متعددة المهام عالية الكفاءة من الجيل الرابع، تشتهر برشاقتها وإلكترونياتها المتطورة وفعاليتها من حيث التكلفة. صُممت هذه الطائرة للعمل في ظروف متفرقة، وهي مُحسّنة لمهام الرد السريع، مما يجعلها مناسبة بشكل خاص لإطار عمل الشرطة الجوية لحلف الناتو.

سيعمل كلا النوعين من الطائرات تحت قيادة وسيطرة مركز العمليات الجوية المشتركة لحلف الناتو (CAOC) في أويديم، ألمانيا، الذي يُشرف على عمليات الشرطة الجوية في شمال وشرق أوروبا. تتضمن المهمة استعدادًا دائمًا لصد واعتراض أي طائرة غير مُصرّح لها أو يُحتمل أن تكون معادية تقترب من المجال الجوي لحلف الناتو أو تدخله دون تصريح مناسب. يتم تدريب الطيارين على تقييم وتحديد هوية الطائرات العسكرية أو المدنية الأجنبية بسرعة، وإذا لزم الأمر، مرافقتها، مما يضمن بقاء المجال الجوي لحلف الناتو آمنًا.

لا يُعزز هذا الانتشار المشترك موقف الردع لحلف الناتو على جناحه الشرقي فحسب، بل يُرمز أيضًا إلى تعميق اندماج السويد في البنية الدفاعية للحلف. صرح المقدم أندرس غوستافسون، قائد مفرزة القوات الجوية السويدية، قائلاً: "نحن على أهبة الاستعداد لاتخاذ الخطوة التالية لتعزيز الدفاع الجوي لحلف الناتو من حيث الردع، ولضمان الأمن في المجال الجوي للحلف بالتعاون مع زملائنا البريطانيين". تعكس تصريحاته جاهزية السويد العملياتية واستعدادها للمساهمة بفعالية في الأمن الجماعي.

رحب قائد الجناح جاكوب، قائد الجناح الجوي الاستكشافي 140 التابع لسلاح الجو الملكي البريطاني، بالمساهمة السويدية، مؤكدًا: "نحن هنا للدفاع والردع، على أهبة الاستعداد للحماية من أي تهديد، مع طمأنة حلفائنا بالتزام المملكة المتحدة تجاه حلف الناتو والمنطقة". تؤكد الطبيعة التعاونية للانتشار تركيز حلف الناتو على التوافق التشغيلي والمسؤولية المشتركة.

كما تُمثل هذه المهمة رسالة وحدة وقوة للحلف في ظل التوترات الجيوسياسية المستمرة في أوروبا الشرقية. مع هذا النشر، انتقلت السويد فعليًا من شريكٍ قديمٍ لحلف الناتو إلى مساهمٍ فاعل، مما يعكس تحولها في سياستها الدفاعية استجابةً لديناميكيات الأمن المتغيرة في المنطقة. يُرسي هذا الإنجاز سابقةً لمشاركة السويد المستقبلية في عمليات الناتو، ويعزز القدرة الشاملة للحلف وتماسكه.