أفادت وكالة رويترز للأنباء في 25 أبريل 2025، أن الولايات المتحدة تستعد لتقديم حزمة أسلحة للسعودية تزيد قيمتها عن 100 مليار دولار. تُشير هذه الصفقة الضخمة إلى تطور كبير في العلاقة الدفاعية الاستراتيجية بين واشنطن والرياض، مؤكدةً دور الولايات المتحدة كشريك دفاعي رئيسي للمملكة العربية السعودية في ظل الديناميكيات الجيوسياسية المتغيرة في الشرق الأوسط.
لطالما كانت العلاقات الدفاعية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية أساسًا لتوازن القوى الإقليمي. ولا تزال المملكة العربية السعودية واحدة من أكبر متلقي المعدات العسكرية الأمريكية، مستفيدةً من عقود من التعاون الذي يشمل التدريب والصيانة والخدمات اللوجستية ومجموعة متنوعة من إمدادات الأسلحة. ورغم توتر هذه العلاقة أحيانًا بسبب التوترات السياسية ومخاوف حقوق الإنسان، إلا أنها تظل بالغة الأهمية لمصالح الولايات المتحدة في مواجهة النفوذ الإيراني والحفاظ على أمن الخليج.
من أبرز الأمثلة على هذه الشراكة الراسخة اقتناء أنظمة دفاع جوي أمريكية متطورة ردًا على التهديدات المتزايدة من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة في المنطقة. في عام 2017، وقّعت المملكة العربية السعودية اتفاقية تاريخية لشراء نظام الدفاع الجوي للارتفاعات العالية الطرفية (ثاد) من شركة لوكهيد مارتن، في صفقة قُدّرت قيمتها بـ 15 مليار دولار. وتم إضفاء الطابع الرسمي على هذه الاتفاقية لاحقًا في عام 2018، وبدأ تسليم المكونات في السنوات اللاحقة. صُمّم نظام ثاد لاعتراض الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة ومتوسطة المدى خلال مرحلتها النهائية باستخدام تقنية "الضرب القاتل". وقد عزز نشره بشكل كبير قدرة المملكة العربية السعودية على حماية بنيتها التحتية الحيوية من الهجمات الصاروخية.
بالإضافة إلى نظام ثاد، لطالما كانت المملكة العربية السعودية مشغلًا لنظام الدفاع الجوي والصاروخي MIM-104 باتريوت من صنع شركة رايثيون. ومع مرور الوقت، قامت المملكة العربية السعودية بتحديث مخزونها من نظام باتريوت ليشمل نسخة PAC-3 (باتريوت ذو القدرة المتقدمة 3)، التي توفر فعالية أكبر ضد الصواريخ الباليستية التكتيكية والتهديدات الجوية المتقدمة. استُخدمت هذه الأنظمة بفعالية في اعتراض العديد من هجمات الصواريخ والطائرات المسيرة، لا سيما تلك التي شنتها قوات الحوثيين من اليمن، مما يُظهر أهميتها العملياتية في سيناريوهات القتال الآني.
وعزز عقد أحدث أُبرم عام ٢٠٢٢ هذه الشبكة الدفاعية عندما وافقت المملكة العربية السعودية على شراء صواريخ اعتراضية إضافية من طراز PAC-3 لتعزيز قطاعات الصواريخ (MSE). وكان هذا العقد، الذي تُقدر قيمته بنحو ٣.٠٥ مليار دولار، جزءًا من استراتيجية الرياض الأوسع لتحديث قدراتها الدفاعية الجوية بالتنسيق مع القوات الأمريكية وموردي الدفاع.
وتضيف حزمة الأسلحة المقترحة حديثًا والبالغة ١٠٠ مليار دولار، والتي أوردتها رويترز، فصلًا رئيسيًا آخر إلى هذا التحالف الدفاعي الراسخ. وتشمل عقدًا بقيمة ٢٠ مليار دولار لشراء طائرات بدون طيار من طراز MQ-9B SeaGuardian من شركة جنرال أتوميكس، مما سيعزز قدرات المراقبة والاستطلاع لدى المملكة العربية السعودية. كما يُنظر في طائرات النقل C-130 من شركة لوكهيد مارتن، إلى جانب صواريخ وأنظمة رادار غير محددة. من المتوقع أن تساهم شركات مثل رايثيون (RTX) وبوينغ ونورثروب غرومان في مختلف مكونات الحزمة، ومن المرجح أن توفر ذخائر دقيقة التوجيه، وأنظمة اتصالات، وتقنيات دفاع جوي متكاملة.
تمثل هذه الصفقة المقترحة إعادة تنظيم دبلوماسي وعسكري، عقب قرار الولايات المتحدة في أغسطس 2024 برفع حظر دام ثلاث سنوات على بيع الأسلحة الهجومية إلى المملكة العربية السعودية. فرضت إدارة بايدن الحظر لتشجيع إنهاء الحرب في اليمن، لكن الحقائق الاستراتيجية - بما في ذلك تنامي النفوذ الدفاعي الصيني في المنطقة - دفعت إلى تغيير في السياسة.
يؤكد توقيت صفقة الأسلحة، المتوقع إتمامها خلال زيارة الرئيس ترامب المقبلة إلى المملكة العربية السعودية في مايو 2025، أهميتها الجيوسياسية. ومع ذلك، ستخضع الحزمة لمراجعة الكونغرس، نظرًا لحجم الصفقة والمخاوف المستمرة بشأن الاستقرار الإقليمي وحقوق الإنسان.
بالنسبة لصناعة الدفاع الأمريكية، تُعدّ هذه الاتفاقية المحتملة إنجازًا اقتصاديًا هامًا، إذ تُتيح فرص عمل طويلة الأجل لشركات الدفاع الأمريكية العملاقة، وتُعزز دور الولايات المتحدة كشريك أمني مُفضّل لدول الخليج. كما تُبرهن على استمرار استثمار الرياض في القدرات الدفاعية المُتطورة في ظلّ بيئة إقليمية مُتقلّبة بشكل متزايد.