أخبار: قطر تستأنفت مفاوضات شراء مقاتىت إف-35 المقاتلة مع الولايات المتحدة

أعادت قطر فتح باب المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن احتمال شراء طائرات إف-35 الشبحية المقاتلة، وفقًا لما ذكرته القناة الثانية عشرة الإسرائيلية في 15 ديسمبر 2025، مُحييةً بذلك عرضًا رُفض قبل نحو خمس سنوات، ومُشيرةً إلى تحوّل محتمل في سياسة الولايات المتحدة تجاه مبيعات الطائرات المقاتلة في الشرق الأوسط. وتصف التقارير المفاوضات بأنها جارية بالفعل وأكثر تقدمًا من المحاولات السابقة، وتأتي في وقت تُفكّر فيه الولايات المتحدة أيضًا في بيع طائرات إف-35 لدول أخرى في المنطقة، من بينها المغرب والسعودية وتركيا.

ويأتي هذا المسعى القطري الحالي في أعقاب محاولة رسمية سابقة في عام 2020 لشراء طائرات إف-35، حين وصلت الدوحة إلى مرحلة تقديم طلب الشراء في عملية المبيعات العسكرية الخارجية الأمريكية، مُشكّلةً بذلك خطوة جادة ولكنها لم تُكلل بالنجاح في نهاية المطاف نحو الحصول على هذه الطائرات. تعثّرت تلك الجهود وسط حساسيات سياسية وإقليمية، لكن المناقشات الحالية تُصوَّر على أنها أكثر جدية وتجري في بيئة استراتيجية أكثر انفتاحًا. في الوقت نفسه، يُنظر في عرض قطر إلى جانب قضايا أخرى بارزة، بما في ذلك مسار محتمل لتوريد مقاتلات شبحية مع السعودية، وإمكانية إعادة الموافقة على صفقة الإمارات العربية المتحدة بعد تعثرها سابقًا، ومناقشات مع تركيا مشروطة بتخلي أنقرة عن امتلاك أو تشغيل منظومة إس-400. من وجهة نظر إسرائيل، يكمن القلق في التأثير التراكمي لهذه السيناريوهات لا في أي دولة بمفردها، لأن نتائج متعددة مجتمعة قد تُقلّص التفوق العسكري النوعي لإسرائيل في الجو.

يُعدّ ما يُعرف بالتفوق العسكري النوعي لإسرائيل عنصرًا راسخًا في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وكان الهدف منه في الأصل ضمان احتفاظ إسرائيل بتفوق تكنولوجي وعملياتي ملموس على القوات العسكرية الأخرى في المنطقة. تُعدّ إسرائيل حاليًا المشغل الإقليمي الوحيد لطائرات إف-35، إذ تمتلك 45 طائرة من طراز إف-35 آي في الخدمة، بالإضافة إلى 30 طائرة أخرى قيد الطلب، وقد راكمت خبرة تشغيلية تقارب عقدًا من الزمن مع هذه الطائرات في مختلف أنواع المهام. لن تُؤدي مبيعات طائرات إف-35 المحتملة إلى دول مثل السعودية وتركيا وقطر والمغرب، في حد ذاتها، إلى إلغاء هذه الميزة، لا سيما إذا اختلفت مواصفات التصدير عن مواصفات إسرائيل، ولكنها قد تُقلل من احتكار إسرائيل لقدرات الجيل الخامس. ومن المرجح أن يُؤدي الانتشار الأوسع للطائرات الشبحية وأجهزة الاستشعار المتقدمة وأنظمة القتال الجوي الشبكية إلى تعقيد إدارة المجال الجوي الإقليمي، وزيادة عدد الجهات القادرة على تنفيذ عمليات التخفي، وتقليص الفجوة التكنولوجية النسبية التي لطالما شكّلت التفوق الجوي الإسرائيلي لسنوات.

ويتركز رد إسرائيل على إعداد حزمة تعويضات تسعى للحصول عليها من واشنطن في حال المضي قدمًا في مبيعات طائرات إف-35 الإقليمية. تتضمن هذه الحزمة سربين مقاتلين إضافيين، أحدهما مُجهز بطائرات إف-35 والآخر مُعتمد على طراز متطور من عائلة إف-15آي مُصمم خصيصًا لتلبية الاحتياجات الإسرائيلية ويُشار إليه باسم إف-15آي إيه، إلى جانب توسيع نطاق الوصول إلى الذخائر المتطورة بكميات كبيرة جدًا. ويُشدد على أهمية التوقيت، حيث يُشير المسؤولون الإسرائيليون إلى ضيق الوقت المتاح لاتخاذ القرار، إذ قد يؤدي أي تأخير إلى فقدان الأولوية في جدولة الإنتاج الأمريكي، مما يؤثر على مواعيد التسليم وتخطيط القوات على المدى الطويل. وتُعد إسرائيل حاليًا المُشغل الوحيد لطائرات إف-35 في الشرق الأوسط، حيث تُشغل 45 طائرة ولديها 30 طائرة أخرى قيد الطلب، وقد شغّلت هذا الطراز لما يقرب من عقد من الزمان، وهو وضع يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتزام السياسة الأمريكية بالحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل.

ويُضيف الوضع السياسي والأمني ​​المحيط بقطر مزيدًا من الحساسية إلى مسألة المقاتلات. إذ يُوصف كل من قطر وتركيا بأنهما تستضيفان قادة ومكاتب لحماس، وأنهما تُعارضان علنًا الحرب الإسرائيلية على غزة، في حين تتهم إسرائيل الدولتين بدعم الإرهاب. يتضمن هذا السرد غارات جوية إسرائيلية على قطر في سبتمبر استهدفت قادة بارزين في حماس بالدوحة، وهو ما أثار غضب السلطات القطرية وزاد من حدة التوترات الثنائية. تبع ذلك إصدار الرئيس ترامب أمرًا تنفيذيًا يُعلن فيه أن أي هجوم مسلح على قطر سيُعتبر تهديدًا للسلام والأمن في الولايات المتحدة، محذرًا من رد قاسٍ على أي هجوم مستقبلي. وتتداخل هذه الديناميكيات مع دور قطر في استضافة قاعدة العديد الجوية، التي تُوصف بأنها أكبر منشأة عسكرية أمريكية في المنطقة، حيث تضم حوالي 8000 فرد أمريكي، والتي تعرضت لهجوم إيراني في وقت سابق من العام ردًا على الضربات الأمريكية التي استهدفت البرنامج النووي الإيراني.

يُشار إلى أن علاقة قطر الأوسع مع الولايات المتحدة قد تعززت منذ تولي الرئيس ترامب ولايته الثانية في يناير، مما عزز اعتقاد الدوحة بأن الظروف السياسية قد تكون الآن أكثر ملاءمةً لتلبية طلبات الدفاع الحساسة. كما تبرعت قطر بطائرة بوينغ 747-8 لكبار الشخصيات إلى الولايات المتحدة، والتي تخطط واشنطن لتحويلها لاستخدامها كطائرة رئاسية مؤقتة (إير فورس ون) إلى حين تجهيز الطائرة الرئاسية الجديدة، وهو ما يعكس عنصرًا غير مألوف في العلاقات العسكرية والدبلوماسية الثنائية. في الوقت نفسه، لا تزال المخاوف في واشنطن بشأن علاقات قطر الإقليمية ومواقفها السياسية تؤثر على المداولات المتعلقة بنقل الأسلحة المتقدمة. ويُقارن وضع قطر بوضع الإمارات العربية المتحدة، حيث وافقت الولايات المتحدة في أغسطس 2020 على النظر في الموافقة على شراء طائرات إف-35 كجزء من إطار التطبيع مع إسرائيل، وهو مسار لم تسلكه قطر ولا تُبدي أي نية لسلوكه. ويُذكر سعر مرجعي يبلغ حوالي 80 مليون دولار لطائرة إف-35 إيه، إلى جانب التفاهم بأن أي عملية بيع محتملة ستتطلب موافقة الكونجرس وقد تستغرق سنوات للتفاوض والتسليم.

يرجع إصرار قطر على اقتناء طائرات إف-35 إلى حجم التوسع الذي شهدته قواتها الجوية خلال العقد الماضي. فقد تطورت القوات الجوية الأميرية القطرية، التي تأسست رسميًا عام 1974 انطلاقًا من جناح جوي أُنشئ عام 1967 وكان يُشغّل في البداية طائرات الهليكوبتر، من قوة صغيرة إلى واحدة من أكثر القوات الجوية تجهيزًا في منطقة الخليج. ومن أبرز محطاتها اقتناء طائرات هوكر هنتر النفاثة التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني عام 1971، وضم جناح شرطة قطر الجوي عام 1983، والمشاركة في حرب الخليج عام 1991 إلى جانب الحلفاء، والمشاركة في مناورات "عزم النسر" عام 2005 بفرق طبية وطوارئ إلى جانب قوات مشاة البحرية الأمريكية. وبحلول عام 2010، بلغ قوامها حوالي 2100 فرد، وتضمنت ترسانتها طائرات مقاتلة من طراز ميراج 2000-3EDA، وطائرات هليكوبتر من طراز SA 342L غزال، وطائرات نقل من طراز C-17A. في يناير 2011، قيّمت قطر عدة طائرات مقاتلة مرشحة، من بينها تايفون، وإف-35، وإف/إيه-18إي-إف، وإف-15إي، ورافال، لاستبدال أسطولها من طائرات ميراج 2000-5.

وأسفر هذا التقييم عن سلسلة من قرارات الشراء الرئيسية التي تُشكّل الآن هيكل القوات الجوية القطرية. في مايو 2015، منحت قطر عقدًا لشراء 24 طائرة مقاتلة من طراز رافال بقيمة 6.3 مليار يورو، أي ما يعادل 7 مليارات دولار أمريكي تقريبًا. وفي سبتمبر 2016، قُدّم عرضٌ لبيع ما يصل إلى 72 طائرة من طراز إف-15كيو إيه إلى الكونغرس الأمريكي، تلاه في نوفمبر 2016 توقيع صفقة بقيمة 21.1 مليار دولار أمريكي لشراء 36 طائرة مع خيار شراء 36 طائرة إضافية. طلبت قطر 24 طائرة من طراز يوروفايتر تايفون في سبتمبر 2017، و12 طائرة إضافية من طراز رافال في ديسمبر 2017، مع خيار شراء 36 طائرة أخرى، كما وسّعت نظام التدريب لديها بإضافة 24 طائرة من طراز PC-21، ورفعت أسطولها من طائرات C-17 إلى ثماني طائرات. وتشمل المخزونات الحالية 36 طائرة رافال، و24 طائرة تايفون مع طلبية إضافية لـ 12 طائرة أخرى، و37 طائرة من طراز F-15QA من أصل 48 طائرة تم طلبها، بالإضافة إلى مروحيات هجومية مثل AH-64E أباتشي.