تشهد طائرة هورجيت، التي طورتها شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية (TAI)، تطورًا ملحوظًا من طائرة تدريب نفاثة متقدمة إلى طائرة قتالية خفيفة متعددة الاستخدامات. صُممت هورجيت في الأصل لتحل محل أساطيل T-38M وNF-5A/B القديمة التابعة للقوات الجوية التركية، وهي الآن في طور الإعداد لدور عملياتي أوسع يشمل الطيران البحري والدعم القتالي جو-جو، مما يؤكد أهميتها الاستراتيجية المتنامية.
في اختبارات الطيران الأخيرة، نجحت هورجيت في الوصول إلى سرعة 1.2 ماخ، مما يُبرز دقتها الديناميكية الهوائية وإمكاناتها في مهام تفوق سرعة الصوت. يؤكد هذا الإنجاز ملاءمتها لمجموعة متنوعة من الأدوار التكتيكية، بما في ذلك الضربات الخفيفة والدعم الجوي القريب، وربما العمليات على متن حاملات الطائرات. أداؤها يضعها في موقع تنافسي بين نظيراتها، متجاوزةً السرعة القصوى البالغة 0.975 ماخ لطائرة بوينغ-ساب T-7A Red Hawk وسقف 1.15 ماخ لطائرة ليوناردو M-346. فقط طائرة KAI T-50 Golden Eagle تتجاوز سرعتها بـ 1.5 ماخ، لكن Hürjet تقدم قيمة مضافة للتطوير المحلي الكامل والتكامل السلس مع النظام البيئي الدفاعي المحلي لتركيا.
تشير التصريحات العامة بشكل متزايد إلى أنه يتم النظر في إصدار بحري من Hürjet كجزء من الجناح الجوي لحاملة الطائرات المستقبلية في تركيا. من شأن هذا الإصدار أن يدعم الطموحات البحرية للقوات المسلحة التركية، ولا سيما حاملة الطائرات من الجيل التالي المخطط لها والتي قيد التطوير حاليًا. في حين أنه من المتوقع أن ترسي طائرة Kaan من الجيل الخامس لشركة TAI العمليات القائمة على حاملات الطائرات في المستقبل، فإن Hürjet تقدم قدرة تكميلية للمهام التي لا يكون فيها التخفي والأداء المتطور إلزاميًا. تشمل التعديلات البحرية المُتوخاة معدات هبوط مُعززة، وخطافات مانعة للانقلاب، وطلاءات مقاومة للتآكل، وهي ميزات تصميمية ضرورية للإطلاق والاستعادة في البيئات البحرية.
عمليًا، تجعل خفة حركة طائرة هورجيت، وتصميمها المدمج، وحجمها اللوجستي المنخفض، منها مثالية للانتشار المتكرر على متن حاملات الطائرات. ومن المقرر إطلاق نسخة بحرية من هورجيت من مشروع حاملة الطائرات التركية المستقبلية "موغيم". ويُنظر إليها بشكل متزايد كحل فعال من حيث التكلفة ومرن لمهام تشمل الضربات البحرية، والدوريات الجوية، والدعم الجوي القريب. وفي هذه الأدوار، يُمكن أن تُعزز قوة طائرة "كآن"، لا سيما في البيئات المتنازع عليها حيث يُمكن للمنصتين العمل بشكل منسق.
ومن التطورات الرئيسية الأخرى التكامل المتوقع لصواريخ جو-جو من طرازي "غوكدوغان" (خارج مدى الرؤية) و"بوزدوغان" (ضمن مدى الرؤية) المطورتين محليًا، واللتين صممهما وأنتجهما معهد أبحاث وتطوير الصناعات الدفاعية التركي "توبيتاك ساجي". ستعزز هذه الذخائر بشكل كبير نطاق طائرة "هورجيت" القتالي، مما يسمح لها بالمساهمة في مهام الدفاع الجوي والمرافقة. كما يمكن للطائرة أن تعمل كمنصة استشعار أو سلاح في تكوين جناح مخلص، أو تعمل كطُعم إلكتروني لحماية الأصول ذات القيمة العالية.
يبلغ طول طائرة "هورجيت" حوالي 14 مترًا، ويبلغ طول جناحيها 9.5 مترًا، وسعة حمولتها 3000 كيلوغرام، وهي تعمل بمحرك توربوفان من طراز F404-GE-102 بموجب اتفاقية بين شركتي "صناعات الفضاء والطيران التركية" (TAI) و"جنرال إلكتريك". وقد تم طلب ما مجموعه 100 محرك لتلبية الاحتياجات المحلية وطلبات التصدير المتوقعة. مزودة بإلكترونيات طيران حديثة، ورادار AESA، وقمرة قيادة بمقعدين، تدعم الطائرة مجموعة واسعة من المهام، من تدريب الطيارين إلى مهام الضرب والدوريات الدقيقة. ستكون قادرة على استخدام تسعة أنواع على الأقل من الذخائر الموجهة بدقة تركية الصنع، بما في ذلك صاروخ كروز SOM، وقنبلة Sarb-83 الخارقة للخرسانة، ومجموعات التوجيه من سلسلتي Teber وKGK.
تشمل الطلبات الأولية من القوات الجوية التركية أربع طائرات، مع خيارات لاثنتي عشرة طائرة أخرى. من المتوقع أن تدخل الوحدات الأولى الخدمة في عام 2025، مع التخطيط لـ 12 طائرة من طراز Block I بحلول عام 2028. كما سينتقل فريق "النجوم التركية" للاستعراضات الجوية إلى استخدام طائرة Hürjet، مما يعزز من جودة التحكم فيها وموثوقيتها. وتتطلع شركة TAI إلى إنتاج 100 طائرة للاستخدام المحلي وما يصل إلى 300 طائرة للتصدير، مما يجعل هذه المنصة خيارًا رئيسيًا في سوق الطائرات القتالية والتدريبية الخفيفة.
من الناحية الاستراتيجية، يُمثل تطوير طائرة هورجيت البحرية خطوةً هامةً في طموح تركيا لبناء قدرة طيران قتالية مستقلة ومتعددة الطبقات. وبصفتها مُكمّلاً أخف وزناً لطائرة كان من الجيل الخامس، يُمكن لطائرة هورجيت أن تُسهم في تعزيز قدرة تركيا على تنفيذ عمليات جوية مستدامة وقابلة للتطوير من البر والبحر. ويؤكد تصميمها المحلي وتوافقها مع صناعة الدفاع الوطنية سعي أنقرة الأوسع نحو السيادة التكنولوجية والقدرة التنافسية في صادراتها الدفاعية.
أُطلق برنامج هورجيت في أغسطس 2017 بتنسيق من رئاسة الصناعات الدفاعية (SSB)، وهو يعكس الدور المتنامي لشركة TAI في قطاع الطيران والفضاء العالمي. بدأ التطوير الكامل في يوليو 2018، بهدف إنتاج طائرتين شهريًا بمجرد اعتماد الإنتاج التسلسلي. تشير التقارير إلى تزايد الاهتمام الدولي بالفعل، لا سيما من إسبانيا، حيث تُعتبر هورجيت منصة تدريب مستقبلية لطائرات الجيل الخامس.
لا تُجسد هورجيت جيلًا جديدًا من هندسة الطيران والفضاء التركية فحسب، بل تُشير إلى تحول استراتيجي نحو قوة جوية متكاملة وذات سيادة. يعكس تحولها إلى طائرة مقاتلة متعددة الأدوار وقادرة على حمل حاملات الطائرات طموح تركيا في تشغيل أسطول جوي متعدد الاستخدامات وفعال من حيث التكلفة ومُصنع محليًا بالكامل، قادر على تلبية متطلبات الحرب الحديثة في مختلف المجالات التشغيلية.