طورت كوريا الشمالية لأول مرة غواصة نووية موجهة استراتيجية، وفقًا لمعلومات من وكالة أنباء كوريا الشمالية الرسمية في 8 مارس 2025. كشفت كوريا الشمالية رسميًا عن أول غواصة تعمل بالطاقة النووية قادرة على إطلاق صواريخ باليستية تطلق من الغواصات. تم الكشف عن هذا التطور خلال زيارة كيم جونج أون لأحواض بناء السفن الرئيسية في كوريا الشمالية، حيث تفقد التطورات في التكنولوجيا البحرية وصناعة بناء السفن.
بصحبة كبار المسؤولين، بما في ذلك جو تشون ريونج، سكرتير اللجنة المركزية لحزب العمال الكوري، والأدميرال كيم ميونج سيك، قائد البحرية الكورية الشمالية، أكد كيم على الأهمية الاستراتيجية للغواصة الجديدة. ومن المتوقع أن تعزز هذه الغواصة الردع النووي لكوريا الشمالية، وتزودها بقدرة قوية على الضربة الثانية.
ويشير خبراء عسكريون من كوريا الجنوبية إلى أن الغواصة النووية الجديدة التي تحمل صواريخ باليستية من الغواصات من المرجح أن تكون من فئة 6000 أو 7000 طن، وقادرة على حمل حوالي 10 صواريخ باليستية. ووفقًا لمون كون سيك، خبير الغواصات الكوري الجنوبي من جامعة هانيانغ في سيول، فإن مصطلح "الصواريخ الموجهة الاستراتيجية" الذي يستخدمه المسؤولون الكوريون الشماليون يشير إلى أن هذه الصواريخ ستكون قادرة على حمل أسلحة نووية. وهذا يجعل الغواصة عنصرًا حاسمًا في ترسانة كوريا الشمالية النووية المتنامية، وقادرة على توجيه ضربات انتقامية مدمرة بعيدة المدى حتى بعد هجوم استباقي على الأصول البرية.
تمثل الغواصة النووية الجديدة التي تحمل صواريخ باليستية من الغواصات في كوريا الشمالية تطورًا كبيرًا في قواتها البحرية، التي اعتمدت منذ فترة طويلة على غواصات أصغر تعمل بالديزل. اعتبارًا من التوازن العسكري 2024، تفتخر البحرية الكورية الشمالية بأسطول من 71 غواصة، والتي تشمل نماذج مختلفة مصممة لأدوار استراتيجية وتكتيكية مختلفة. ومن بين هذه الغواصات الغواصة SSB 1 8.24 Yongung (Gorae)، وهي غواصة تشارك في تجارب الصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات، والعديد من الغواصات الأخرى ذات القدرات المتخصصة، مثل غواصات الصواريخ الكروز (SSC) والغواصات الهجومية (SSK).
يضم الأسطول الكوري الشمالي عدة أنواع رئيسية من الغواصات المصممة لاحتياجات تشغيلية مميزة. تم تصميم الغواصات من فئة SSB (الصواريخ الباليستية الاستراتيجية الغاطسة)، مثل فئة Gorae، خصيصًا لحمل وإطلاق الصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات. على سبيل المثال، تم استخدام فئة Gorae في تجارب الصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات Pukguksong-1 في كوريا الشمالية. كما تدير كوريا الشمالية غواصات SSK (الهجومية)، مثل Type-033 (فئة Romeo)، المجهزة بأنابيب طوربيد للحرب المضادة للسفن والغواصات. بالإضافة إلى ذلك، تمتلك كوريا الشمالية غواصات صواريخ كروز، وهي مجهزة لإطلاق صواريخ كروز، مع بعض الاختلافات التي تحمل أنابيب طوربيد 533 ملم أو طوربيدات ثقيلة الوزن 53-65E. وأخيرًا، تدير كوريا الشمالية أيضًا غواصات متخصصة أو صغيرة، مثل فئة يوغو ويونو، والتي غالبًا ما تستخدم في مهام متخصصة ويمكنها حمل أنواع مختلفة من الطوربيدات.
إن إضافة غواصة SLBM التي تعمل بالطاقة النووية من شأنها أن تعزز بشكل كبير قدرة كوريا الشمالية على إجراء عمليات الردع الاستراتيجية. على عكس الغواصات التي تعمل بالديزل والكهرباء، يمكن للغواصات التي تعمل بالطاقة النووية أن تظل مغمورة لفترات أطول بكثير، مما يجعل اكتشافها أكثر صعوبة وبالتالي تحسين قدرتها على البقاء في صراع محتمل. كما تمنح قدرة SLBM كوريا الشمالية رادعًا نوويًا للضربة الثانية، مما يضمن القدرة على شن هجوم انتقامي مدمر حتى لو تم تدمير أصولها النووية البرية في ضربة أولية.
يشير مصطلح SLBM (الصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات) إلى صاروخ يتم إطلاقه من غواصة مغمورة. هذه الصواريخ ضرورية لأي دولة تهدف إلى الحفاظ على رادع نووي موثوق، لأنها توفر القدرة على الرد على الخصوم من تحت سطح المحيط. وهذا يضمن قدرة آمنة على الضربة الثانية، حتى لو تم تحييد الأصول النووية الأخرى. يعد صاروخ Pukguksong-1 الباليستي الذي أطلقته كوريا الشمالية من غواصة من فئة Gorae، مثالاً على التكنولوجيا التي طورتها بيونج يانج. هذه الصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات، القادرة على ضرب أهداف بعيدة، تمنح كوريا الشمالية رادعًا نوويًا قويًا ومتحركًا. ستعمل الغواصة الجديدة التي تعمل بالطاقة النووية على تعزيز فعالية قوة الردع في كوريا الشمالية، مما يزيد من نطاقها التشغيلي وقدرتها على البقاء في صراع محتمل.
ويشير الخبراء إلى أن روسيا ربما لعبت دوراً كبيراً في مساعدة كوريا الشمالية على التقدم نحو تطوير الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية. وكانت موسكو منذ فترة طويلة مورداً رئيسياً للتكنولوجيا العسكرية لكوريا الشمالية، بما في ذلك أنظمة الصواريخ والتكنولوجيا النووية. ويُعتقد أن مساعدة المفاعلات النووية وأنظمة الغواصات المصممة في روسيا كانت مفيدة في التغلب على التحديات التقنية المرتبطة بإنشاء غواصة تعمل بالطاقة النووية وقادرة على إطلاق الصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات.
ويمثل إدخال غواصة تعمل بالطاقة النووية تطلق من الغواصات تطوراً محورياً في الاستراتيجية العسكرية لكوريا الشمالية. فهي تسمح للبلاد بتوسيع نطاقها وقدرتها على الصمود، وتوفير منصة موثوقة ومتحركة للرد النووي. وتضمن هذه القدرة قدرة كوريا الشمالية على البقاء والرد حتى في المياه المتنازع عليها بشدة في المحيط الهادئ. ومع الصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات، تعمل الغواصة الجديدة على تعزيز الردع الاستراتيجي لكوريا الشمالية، مما يمثل تحديات جديدة للقوى الإقليمية، وخاصة الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، التي يتعين عليها الآن أن تأخذ هذه القدرة المحسنة في الاعتبار في تخطيطها الدفاعي.
وتشير هذه الخطوة أيضاً إلى طموحات كوريا الشمالية المتنامية في الحرب تحت الماء، مع استمرار البلاد في تحديث وتوسيع ترسانتها النووية. إن دمج الصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات في غواصة تعمل بالطاقة النووية يجعل كوريا الشمالية أقرب إلى التكافؤ مع القوى النووية الأخرى التي تمتلك قدرات مماثلة، مما يعزز مكانتها كوجود عسكري هائل في المحيط الهادئ وخارجه.
إن كشف كوريا الشمالية عن غواصتها الباليستية التي تطلق من الغواصات والتي تعمل بالطاقة النووية هو خطوة مهمة في جهودها المستمرة لتعزيز ردعها النووي وتعزيز قدراتها البحرية. وبفضل المساعدة التكنولوجية من روسيا وأسطول متوسع من الغواصات المتقدمة، ستلعب هذه السفينة الجديدة دوراً حاسماً في قدرة كوريا الشمالية على فرض قوتها والحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي في المنطقة. ومع استمرار هذه التطورات، تتزايد احتمالات زيادة التوترات في منطقة المحيط الهادئ، مع تعزيز قدرة كوريا الشمالية على ردع الخصوم والانتقام منهم من خلال غواصاتها التي تعمل بالطاقة النووية وقدراتها في مجال الصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات.