وافقت الولايات المتحدة على صفقة عسكرية محتملة لمملكة البحرين بقيمة 500 مليون دولار لشراء نظام صواريخ المدفعية عالية الحركة M142، أو HIMARS. تشمل الحزمة أربع منصات إطلاق، وشبكات قيادة وتحكم متطورة، ومجموعة متكاملة من الدعم اللوجستي والتدريبي، وفقًا لمعلومات نشرتها وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأمريكية في 14 أغسطس 2025، مما يُبرز قفزة نوعية في قدرة البحرين على الضرب الدقيق والردع.
تغطي الصفقة ثلاثة أنظمة بيانات تكتيكية دولية للمدفعية الميدانية، ومركبات إمداد مزودة بأنظمة مناولة الحمولة، وحاويات صواريخ تدريبية قصيرة المدى، ومجموعة واسعة من معدات الدعم، بما في ذلك مُحسِّنات رؤية السائق، وأجهزة استقبال نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، ومعدات الاتصالات، وأجهزة المحاكاة، والمولدات، والوثائق الفنية، وقطع الغيار. ستكون شركة لوكهيد مارتن، الشركة الدفاعية الأمريكية الرئيسية المسؤولة عن إنتاج نظام HIMARS، المقاول الرئيسي للبرنامج، مما يعزز دورها الرائد في صادرات الصواريخ الهجومية بعيدة المدى الأمريكية.
يُعد نظام M142 HIMARS قاذفًا بعجلات، مشتقًا من نظام M270 MLRS المجنزرة الأثقل وزنًا، وهو مصمم للتنقل الاستراتيجي والانتشار السريع. يُركّب على هيكل عائلة المركبات التكتيكية المتوسطة (FMTV) بوزن خمسة أطنان، مما يمنحه سرعة عالية وقدرة على التنقل على الطرق، حيث تبلغ سرعته القصوى حوالي 85 كيلومترًا في الساعة، ويبلغ مداه التشغيلي أكثر من 480 كيلومترًا. يمكن للنظام حمل كبسولة واحدة بستة صواريخ من نظام إطلاق الصواريخ المتعددة الموجهة (GMLRS) أو صاروخ واحد من نظام الصواريخ التكتيكية للجيش (ATACMS).
يتراوح مدى صواريخ GMLRS بين 15 و80 كيلومترًا، وهي موجهة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) مع احتمال خطأ دائري (CEP) أقل من 10 أمتار، بينما يمتد نطاق ATACMS إلى 300 كيلومتر برؤوس حربية أحادية أو عنقودية. يمكن للقاذفة أيضًا إطلاق أحدث صاروخ "بريسيجن سترايك" (PrSM)، الذي يدخل الخدمة حاليًا في الولايات المتحدة، والذي يمتد مداه إلى ما يزيد عن 500 كيلومتر، مما يضمن استمرارية طويلة الأمد لعملاء التصدير.
يُشغّل نظام HIMARS طاقم مكون من ثلاثة أفراد، ولكن يمكن إدارته بواسطة جنديين فقط بفضل نظام التحكم الآلي في إطلاق النار. تتم إعادة التعبئة عبر نظام كبسولات مستقل يسمح للطاقم بتبديل كبسولات الصواريخ أو القذائف بسرعة في دقائق دون الحاجة إلى معدات متخصصة. يتكامل حاسوب التحكم في إطلاق النار مع الشبكات التكتيكية، مما يُمكّن من الاستهداف الرقمي والمزامنة مع الأصول المدفعية والجوية والأرضية الأخرى. تمنحه قابلية نقل طائرة C-130 مدى تشغيليًا لا مثيل له، مما يسمح بنقل القاذفة جوًا إلى مسرح العمليات، وتفريغها، وتجهيزها للإطلاق في غضون ساعات.
من الناحية التشغيلية، يمنح نظام HIMARS القادة أداة متعددة الاستخدامات لتشكيل ساحة المعركة. تُمكّن قدرته على توجيه الضربات الدقيقة من تدمير الأهداف عالية القيمة مثل مراكز قيادة العدو، وبطاريات صواريخ أرض-جو، ومواقع الرادار، أو مراكز اللوجستيات بأقل قدر من الأضرار الجانبية. إن قدرة الإطلاق السريع، حيث يُطلق القاذف ويعيد نشره في غضون دقائق، تُقلل بشكل كبير من التعرض لنيران البطاريات المضادة. في سيناريوهات الدفاع الحضري أو الساحلي، يُوفر نظام HIMARS القدرة على تحييد التهديدات بعيدة المدى قبل أن تُهدد المراكز السكانية أو البنية التحتية الحيوية. عند استخدامه في عمليات إطلاق نار كثيفة، يُمكن لوحدات HIMARS إغراق دفاعات العدو وخلق ثغرات لقوات المناورة، بينما في عمليات الانتشار الأصغر والموزعة، تُوفر قوة نيران بعيدة المدى سريعة الاستجابة وقابلة للبقاء.
بالنسبة للبحرين، يأتي هذا الشراء في وقت يتصاعد فيه التوتر الإقليمي. تواجه المملكة بيئة أمنية مُعقدة تُشكلها برامج تطوير الصواريخ الإيرانية، والمواجهات البحرية في مضيق هرمز، ووجود جهات فاعلة غير حكومية في جميع أنحاء المنطقة. من خلال الحصول على نظام HIMARS، تُعزز البحرين دورها في الموقف الدفاعي الجماعي لمجلس التعاون الخليجي، وتضمن توافقًا أوثق مع هياكل القوة الإقليمية الأمريكية. يوفر هذا النظام، بفضل قدرته على الانتشار السريع وتوجيه الضربات عن بُعد، رادعًا قويًا، في حين أن توافقه مع الوحدات الأمريكية وحلفائها يجعل البحرين شريكًا أكثر كفاءة في عمليات التحالف في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وأكدت واشنطن أن هذه الصفقة ستعزز أمن حليف رئيسي من خارج حلف الناتو دون المساس بتوازن القوى الكلي في الخليج. بل ستعزز قدرة البحرين على المشاركة في العمليات متعددة الجنسيات المستقبلية، وتعزز الأهداف الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة. في ظل توسع ترسانة الصواريخ الإيرانية والتهديد المستمر بعدم الاستقرار الإقليمي، تُبرز هذه الصفقة سعي البحرين المستمر نحو التحديث، نحو قوة برية أكثر قدرة على الحركة، وترابطًا، وتركيزًا على الدقة.