غزة: “طوفان الأقصى” – 43

دكتور سَــــيْد غُنــــيْم دكتوراه العلوم السياسية زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا، ورئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع

 

أولاً: قطاع غزة

تستمر الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بمعدلاتها المعتادة في شن هجمات بنيران الضرب غير المباشر على إسرائيل بمعدلها. حيث نفذت كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس 12 هجوماً نيرانياً، كما نفذت سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين 9 هجمات نيرانيه. وأطلقت كتائب أبو على مصطفى الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قذائف هاون على جنوب إسرائيل.

وواصلت الفصائل الفلسطينية شن هجماتها على موقع إيريز العسكري من شمال قطاع غزة بعد تقدم القوات الإسرائيلية من اتجاهه في 29 أكتوبر. وفجرت كتائب القسام عبوة ناسفة وأطلقت ذخائر مضادة للدبابات على دبابات إسرائيلية شرق إيريز. كما أطلقت سرايا القدس قذائف هاون على موقع إيرز.

وأعلن قادة حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين عن قدراتهم على استمرار المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. حيث قال القيادي البارز في حركة حماس، داود شهاب، إن المقاومة على وشك تحقيق انتصار استراتيچي كبير في قطاع غزة. وقال أبو حمزة، المتحدث العسكري باسم سرايا القدس، إن جهاد المجموعة سيستمر مهما طال أمد الحرب.

في المقابل، أطلقت القوات الإسرائيلية النار وقتلت شخصاً كان يحاول العبور من قطاع غزة إلى إسرائيل عند مفترق ريم، وهي أول محاولة تسلل برية منذ 21 أكتوبر.

العمليات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة:

توغلت قوات الاحتلال الإسرائيلي في بلدة بيت حانون، شمال شرق قطاع غزة، لإجراء عمليات تطهير. حيث قامت قوات المشاة الميكانيكية والدبابات الإسرائيلية بالمناورة عبر بيت حانون في 31 أكتوبر. وقد اشتبكت الفصائل الفلسطينية مع القوات الإسرائيلية شمال بيت حانون.

وتحركت أرتال من العربات المدرعة على طريق صلاح الدين الممتد من الشمال إلى الجنوب في قطاع غزة وفي الزاوية الشمالية الشرقية من بيت حانون. وهاجمت كتائب القسام وحدة تابعة للجيش الإسرائيلي كانت تقوم بتطهير مبنى في المنطقة. وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته خاضت معارك ضارية في عمق قطاع غزة ودمرت البنية التحتية العسكرية واستولت على أسلحة، بما في ذلك العبوات الناسفة. وقال المتحدث العسكري لكتائب القسام إن المسلحين أدخلوا أنواعا مختلفة من العبوات الناسفة إلى المعركة.

ووسعت قوات الاحتلال الإسرائيلي مواقعها على الشريط الساحلي شمال غرب قطاع غزة. وأظهرت صور الأقمار الصناعية التي نشرتها صحيفة نيويورك تايمز عشرات المركبات المدرعة وهي تقطع الحقول المفتوحة وتتجمع في المناطق الآهلة بالسكان. وتم رصد مركبات إسرائيلية جنوبًا حتى حي الكرامة.

وقد تقدمت القوات الإسرائيلية إلى الكرامة من شمال غرب قطاع غزة. وأطلقت سرايا القدس قذائف هاون على عناصر ميكانيكية للجيش الإسرائيلي غرب بلدة الكرم.

كما اشتبكت فصائل فلسطينية مع قوات الاحتلال المتوجهة غربا جنوب مدينة غزة. وهاجمت كتائب القسام وسرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى قوات الاحتلال الإسرائيلي وسط قطاع غزة. وتمكن مقاتلو كتائب القسام من تدمير 4 مركبات بواسطة مقذوفات موجهة مضادة للدبابات عند مفترق نتساريم، ويعمل الجيش الإسرائيلي داخل مواقع استيطانية بالقرب من منتجع النور وبالقرب من مستشفى تيكا بعد تقدمه غربا من حي السموني في غزة. وتتقدم عناصر ميكانيكية إسرائيلية على طريق صلاح الدين للوصول إلى شارع هارون الرشيد على بعد أقل من ثلاثة كيلومترات على الساحل. وتتوافق مواقع الاشتباكات مع منطقة الإخلاء التي أعلنتها إسرائيل شمال نهر هيبسور.

الهجوم على غزة يوم 30 أكتوبر 2023

بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من التمهيد النيران بالمدفعية والصواريخ والهجمات الجوية المكثفة، دخلت القوات البرية الإسرائيلية إلى غزة. ويبدو أن النهج المتبع في الهجوم يختلف عن الهجمات السابقة على غزة في الأعوام 2008 و2014 و2021. حيث تم الهجوم هذه المرة من على ثلاثة محاور، بدأت بتوغلات برية للقوات الإسرائيلية على محورين من اتجاه شمالي القطاع وعلى محور واحد على من الاتجاه الجنوبي الشرقي لمدينة غزة.

توغلت عشرات الدبابات والعربات المدرعة لقوات المشاة الميكانيكية، بدعم طائرات الهليكوبتر المسلح المضاد للدبابات والطائرات الموجهة بدون طيار، في المنطقة شبه الريفية شمال مدينة غزة، وقد اتسم الهجوم على هذا المحور بالبطء نسبياً.

حيث تقوم القوات بتفتيش الأرض مترا بعد متر، في محاولة لتجنب وقوع إصابات ومحاولة قتل أكبر عدد ممكن من عناصر حماس.

والهدف من بطء تقدم القوات على هذا المحور هو تأمين أجناب القوات الإسرائيلية، فضلاً عن محاولة إغراء أو حث عناصر حماس للخروج من الأنفاق أو المناطق الآهلة بالسكان خاصة تلك الأكثر كثافة والاشتباك مع القوات الإسرائيلية في مناطق مفتوحة وبما يمكن من التعامل معهم بشكل أسهل نسبياً.

وقد نشب قتال محدود خارج شبكة الأنفاق الواسعة في غزة، حيث لم تواجه القوات الإسرائيلية بعد شبكة الأنفاق العميقة التابعة لحماس بشكل مباشر، لكنها اشتبكت مع المسلحين عند مداخل شبكة الأنفاق الواسعة.

وفي 29 أكتوبر، حدثت مواجهة بين القوات الإسرائيلية وعدداً من أفراد المقاومة الذين كانوا يخرجون من فتحة نفق في قطاع غزة مما أدى في تقديري إلى مقتلهم وإحداث خسائر أيضاً في القوة الإسرائيلية.

وقد تم تدريب القوات البرية الإسرائيلية على تحديد واكتشاف الفتحات المؤدية إلى الأنفاق وعلى كيفية سدها، كما أن الوحدات الخاصة الأخرى داخل فيلق المهندسين العسكريين دُربت على القتال داخل الأنفاق.

مع الوضع في الإعتبار أن مهمة القوات التي كانت مكلفة بتدمير الأنفاق في غزة عام 2014 لم تكن من خلال التوغل أكثر من 2 كم داخل الشبكة.

وقد قامت القوات الإسرائيلية بدفع حجم مناسب من الدبابات والعربات المدرعة وأسلحة الدعم نحو محور صلاح الدين ظهر يوم 30 أكتوبر بمهمة قطع الطريق الذي يمثل شريان الحركة الرئيسي الذي يصل أقصى شمال القطاع باقصى جنوبه وحتى الحدود المصرية. الأمر الذي يؤكد ما قدرناع بشأن هدف إسرائيل في عزل مدينة غزة من جنوب القطاع ويقسم القطاع كلياً إلى جزئين.

ثانياً: الجبهة الشمالية وأذرع إيران:

نفذ مسلحون مدعومون من إيران، بما في ذلك حزب الله اللبناني، تسع هجمات داخل إسرائيل كجزء من حملة هجومية مستمرة استهدفت مواقع الرادار وأجهزة الاستشعار التابعة للجيش الإسرائيلي وأهدافاً عسكرية.

استمرار الترتيبات الإعلامية والمعنوية لكلمة حسن نصرالله يوم 3 نوفمبر.

أطلق الحوثيون طائرات بدون طيار وصواريخ باليستية وصواريخ كروز استهدفت إسرائيل، في ثالث محاولة هجوم للحوثيين منذ بدء الحرب.

أفاد مسؤول عسكري أمريكي لم يذكر اسمه أن مسلحين مجهولين هاجموا القوات الأمريكية في أربعة مواقع منفصلة في 30 أكتوبر.

وسافر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى قطر لمزيد من التنسيق السياسي مع قيادة حماس.

الاستنتاجات:

1- تهدف الفصائل الفلسطينية إلى إحداث خسائر جسيمة في القوات الإسرائيلية المكلفة بالهجوم على القطاع وبما يحبط من الروح المعنوية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وذلك لتقويض الإرادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية لاستكمال إجراءات إطلاق ومواصلة عملية برية إسرائيلية كبيرة في قطاع غزة ويدفع الرأي العام الإسرائيلي الداخلي للدعوة لوقف الحرب واسقاط حكومة نتنياهو.

2- تتصاعد حدة رهانين الأول على تقويض عزيمة حماس من خلال المرحلة الثالثة من عملية السيوف الحديدية والفضاء على عناصر المقاومة في غزة والدخول في مرحلة ما بعد الصراع لوضع إدارة جديدة للقطاع.. وبين نجاح الهدف الاستراتيچي العسكري للفصائل الفلسطينية في استكمال عملية طوفان الأقصى.

3- تستمر القوات الإسرائيلية في استهداف البنية التحتية العسكرية والانفاق المكتشفة، فضلاً عن الاستمرار في تدمير التجمعات السكانية في منطقة شمال القطاع بحجة استهدف عناصر منظسة بينها تابع لفصائل المقاومة.

4- تستمر القوات الإسرائيلية في إجراءات عزل شمال القطاع عن جنوبه مع التركيز على ضمان إحكام السيطرة الكاملة على محور صلاح الدين وطريق هارون الرشيد الساحلي.

5- ستحاول فصائل المقاومة استغلال ورقة الأسرى/ الرهائن بسبل أكثر مرونة، ما بين المساومة على تسليم بعضهم وإعلان مقتل الآخر، وبما يضع الرأي العام الداخلي في توتر وتحت ضغط شديدين يتحول لانفجار في شخص نتانياهو وفي وجه حكومته.

6- تهيئ الإجراءات المسبقة لكلمة حسن نصرالله يوم 3 نوفمبر ما يشير لأن حزب الله سوف يقوم بالتصعيد ضد إسرائيل يوم 3 نوفمبر، أو في وقت قريب منه، ربما عن طريق زيادة معدل الهجوم أو باستخدام أنظمة أكثر تقدماً، أو تنفيذ عمل بري غير متوقع.

7- يستمر الحوثيون في شن ضربات صاروخية ودرونز تجاه أهداف جنوب إسرائيل، وتستمر أذرع إيران في زيادة استهداف قواعد أمريكية.. وفي المقابل تزيد القوات الأمريكية من ضرباتها ضد أهداف نؤثرة تابعة لاذرع إيران.