تستمر الحرب في أوكرانيا في تحويل التوازن العسكري في أوروبا، مما دفع حلف شمال الأطلسي إلى تكثيف استجابته. في 17 أكتوبر 2024، أعلنت بريطانيا رسميًا مشاركتها في برنامج لتطوير صواريخ بعيدة المدى إلى جانب ألمانيا وفرنسا وبولندا وشركاء أوروبيين آخرين. تهدف هذه المبادرة إلى معالجة الفجوة في المخزونات العسكرية التي أبرزها الصراع في أوكرانيا، حيث أصبح استخدام الصواريخ بعيدة المدى مهمًا استراتيجيًا.
أكد وزير الدفاع البريطاني جون هالي هذا الالتزام خلال اجتماع مع نظرائه في حلف شمال الأطلسي في بروكسل. وأوضح أن المملكة المتحدة تنضم رسميًا إلى برنامج تطوير الصواريخ بعيدة المدى، والذي يهدف إلى تحسين تكامل أنظمة الدفاع الجوي الأوروبية، وتعزيز فعاليتها الجماعية. ووفقًا لهالي، ستوفر هذه الصواريخ قدرات تتجاوز بكثير تلك المتاحة حاليًا للدول المشاركة، بما يتماشى مع الهدف الأوسع لحلف شمال الأطلسي المتمثل في تعزيز الردع وحماية أوروبا.
في قمة حلف شمال الأطلسي في واشنطن في يوليو، وقعت فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا بالفعل خطاب نوايا للتعاون في تطوير صواريخ بمدى يزيد عن 500 كيلومتر. وأشارت مصادر عسكرية في ذلك الوقت إلى أن الهدف كان إنشاء صاروخ كروز بري جديد بمدى يتراوح بين 1000 و2000 كيلومتر لتلبية متطلبات الردع لحلف شمال الأطلسي. وتؤكد مشاركة بريطانيا على أهمية البرنامج في الوقت الذي تسعى فيه أوروبا إلى حماية نفسها من التهديدات الخارجية، وخاصة من روسيا.
وفي إطار هذا التعاون، أعلنت الولايات المتحدة وألمانيا أيضًا أنهما ستنشران مؤقتًا اعتبارًا من عام 2026 صواريخ أمريكية طويلة المدى على الأراضي الألمانية، بما في ذلك صواريخ SM-6 وصواريخ توماهوك والأسلحة الأسرع من الصوت. ويُنظر إلى هذا النشر، الذي انتقدته موسكو باعتباره "تهديدًا خطيرًا للغاية" للأمن القومي الروسي، على أنه إجراء مؤقت حتى تطور أوروبا صواريخها طويلة المدى.
ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2022، شهدت الصواريخ التي يبلغ مداها عدة مئات من الكيلومترات أهمية متجددة. وزادت موسكو من ضرباتها عبر الحدود، في حين ردت كييف باستهداف مواقع داخل الأراضي الروسية. لقد أصبحت المخزونات الأوروبية الحالية من الصواريخ المجنحة، مثل ستورم شادو البريطانية، وسكالب الفرنسية، وتوروس الألمانية، والتي يبلغ مداها حوالي 500 كيلومتر، حاسمة في معالجة هذه التهديدات المتصاعدة.
إلى جانب برنامج تطوير الصواريخ، أكد هيلي أيضًا أن بريطانيا مستعدة لنشر قوات بسرعة في إستونيا، إذا لزم الأمر، لتعزيز الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي ضد التهديد الروسي. وقد أعدت المملكة المتحدة بالفعل آلاف القوات للانتشار السريع لتعزيز الأمن على طول الحدود الروسية. يعكس هذا الالتزام العسكري الإضافي نية بريطانيا في لعب دور رئيسي في الدفاع الأوروبي في وقت تظل فيه التوترات مع موسكو مرتفعة.