أعلن حلف شمال الأطلسي والأردن عن إنشاء مكتب اتصال في عمان، في 10 يوليو 2024، وهو أول مكتب اتصال لحلف شمال الأطلسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد تم اتخاذ هذا القرار خلال قمة حلف شمال الأطلسي في واشنطن، وهو ما يعكس خطة عمل لتنفيذ نهج أكثر إستراتيجية وموجه نحو تحقيق النتائج تجاه الجوار الجنوبي لحلف شمال الأطلسي.
وتأتي هذه المبادرة في أعقاب النية التي تم التعبير عنها في بيان قمة فيلنيوس الصادر في يوليو 2023، والذي يمثل خطوة مهمة في الشراكة بين الأردن وحلف شمال الأطلسي. ويؤكد على دور الأردن في التصدي للتهديدات العابرة للحدود الوطنية مثل الإرهاب والتطرف العنيف. وسيعمل مكتب الاتصال كمكتب تمثيلي، لتسهيل التفاعلات المنتظمة بين حلف شمال الأطلسي والسلطات الأردنية. ويهدف هذا الترتيب إلى تعزيز الحوار السياسي والتعاون العملي بشأن المصالح المشتركة، بما في ذلك التحليل الاستراتيجي، والتخطيط للطوارئ المدنية، وإدارة الأزمات، والدبلوماسية العامة، والأمن السيبراني، وتغير المناخ.
حافظ حلف شمال الأطلسي والأردن على علاقات ثنائية قوية منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، وخاصة من خلال الحوار المتوسطي، وهي مبادرة حلف شمال الأطلسي تأسست في عام 1994 لتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة البحر الأبيض المتوسط. ويشتمل الحوار المتوسطي، الذي يعمل على ركيزتين أساسيتين (الحوار السياسي والتعاون العملي)، على سبع دول غير أعضاء في حلف شمال الأطلسي: الجزائر، ومصر، وإسرائيل، والأردن، وموريتانيا، والمغرب، وتونس.
يرتكز إطار الحوار المتوسطي على ستة مبادئ رئيسية لضمان أخذ الاحتياجات والسياقات المحددة لكل دولة شريكة بعين الاعتبار: عدم التمييز، والتمايز الذاتي، والمشاركة الثنائية، وعدم الفرض، والتنوع، والتكامل. مع مبادرات دولية أخرى.
منذ إنشائه، تطور البرنامج المتوسطي، ووسع نطاقه وعمق التعاون. يتم التفاوض على برامج التعاون التشاركي الفردي (IPCPs) كل عامين مع كل دولة شريكة، مما يوفر إطارًا منظمًا للتعاون. ولذلك، فإن إنشاء مكتب اتصال لحلف شمال الأطلسي في عمان هو استمرار لهذه الشراكة، ومن المرجح أن يؤدي إلى تعزيزها بشكل أكبر، حيث يشارك شركاء المتوسط في عمليات الناتو، والتدريبات العسكرية، ومبادرات التعاون المختلفة.
إن افتتاح هذا المكتب، وهو أول مكتب اتصال لحلف شمال الأطلسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يعمق الشراكة الاستراتيجية بين الناتو والأردن، مع التركيز على تعزيز الأمن الإقليمي ومعالجة التهديدات المشتركة مثل الإرهاب والأمن السيبراني وعدم الاستقرار الإقليمي. وقد تم التأكيد على دور الأردن كشريك أمني لحلف شمال الأطلسي (الناتو) من خلال هذه المبادرة. منذ انضمامه إلى الحوار المتوسطي في عام 1995، أصبح الأردن حليفاً وثيقاً لحلف شمال الأطلسي، وسوف يدعم المكتب الجديد مكانته كلاعب رئيسي في الأمن الإقليمي. وسيكون بمثابة مركز عملياتي، مما يتيح التنسيق والتعاون في مختلف المبادرات الأمنية، بما في ذلك أمن الحدود ومكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية.
وتعكس هذه الخطوة أيضًا المحور الاستراتيجي لحلف شمال الأطلسي نحو المزيد من المشاركة الاستباقية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومن خلال وجوده الدائم في عمّان، يستطيع حلف شمال الأطلسي معالجة التحديات الإقليمية والاستجابة بسرعة للأزمات، وخاصة في ضوء الصراعات المستمرة في البلدان المجاورة مثل سوريا وإسرائيل والعراق. بالإضافة إلى ذلك، سيعمل مكتب الاتصال على تعزيز القدرات الدفاعية للأردن من خلال زيادة الوصول إلى التدريب والتعليم والموارد التكنولوجية التابعة لحلف شمال الأطلسي، مما يمكّن البلاد من مواجهة التهديدات مثل تهريب المخدرات وقضايا أمن الحدود والأنشطة المتطرفة.
حتى الآن، يواجه الأردن مجموعة من التهديدات الأمنية، بما في ذلك زيادة أنشطة تهريب المخدرات والأسلحة عبر حدوده، وخاصة من سوريا. ويستخدم المهربون أسلحة وطائرات بدون طيار أكثر تقدما، مما يشكل تحديا كبيرا للأمن القومي. وقد أدى عدم الاستقرار الإقليمي، وخاصة الصراع بين إسرائيل وحماس، إلى تفاقم التوترات الداخلية، مما أدى إلى احتجاجات ودعوات لاتخاذ إجراءات ضد إسرائيل داخل الأردن. بالإضافة إلى ذلك، تساهم أنشطة الميليشيات الموالية لإيران والصراعات المستمرة في البلدان المجاورة مثل سوريا والعراق في المشهد الأمني المعقد، مما يستلزم اليقظة والتعاون المستمر مع الحلفاء الدوليين.
من وجهة نظر الناتو، يقدم مكتب الاتصال في عمان العديد من المزايا. فهو يعزز قدرة الحلف على معالجة التهديدات الأمنية الإقليمية بشكل أكثر كفاءة من خلال تبسيط جهود التنسيق والاستجابة في مجالات مثل مكافحة الإرهاب، والأمن السيبراني، وأمن الحدود. ويسمح هذا القرب بالتفاعل المباشر وفي الوقت المناسب مع السلطات الأردنية والشركاء الإقليميين الآخرين، مما يحسن فعالية المبادرات الأمنية المشتركة. علاوة على ذلك، يعمل المكتب على تسهيل إجراء حوار سياسي أعمق ومستمر بين حلف شمال الأطلسي والأردن، وهو أمر ضروري لتطوير وتنفيذ السياسات الاستراتيجية المصممة خصيصًا للمشهد الأمني الفريد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.