يستعد العراق لاستلام أولى وحدات نظام الدفاع الجوي الكوري الجنوبي Cheongung-II، وذلك ضمن عقد بقيمة 2.8 مليار دولار أمريكي وُقّع في سبتمبر 2024 مع شركة LIG Nex1. ومن المتوقع تسليم النظام، المعروف أيضًا باسم KM-SAM Block II، خلال الأشهر القليلة المقبلة، وفقًا لتصريحات رسمية من مصادر عراقية وكورية جنوبية.
وصرح وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي بأن التسليم سيتبع جدولًا زمنيًا مُعدّلًا بما يتماشى مع الأولويات الوطنية العراقية واحتياجاتها التشغيلية. ويشمل هذا الاستحواذ ثماني بطاريات، ويعكس تزايد انخراط العراق مع موردي الدفاع غير الروس في أعقاب مشاكل الموثوقية وقيود التوريد التي ظهرت بعد الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022. في 5 يوليو 2025، أكد اللواء تحسين الخفاجي، مدير الإعلام والتوجيه العسكري ونائب رئيس خلية الإعلام الأمني، أن تسليم هذا النظام المتطور يسير بسلاسة، وأن تعزيزات الدفاع الجوي لا تزال جزءًا أساسيًا من أجندة الأمن العراقية في ظل الحكومة الحالية.
صُمم نظام KM-SAM Block II لاعتراض الطائرات والصواريخ الباليستية متوسطة المدى. تتضمن كل بطارية من أربع إلى ست منصات إطلاق متحركة، كل منها مُسلحة بثمانية صواريخ، ورادارًا متعدد الوظائف، ومركبة قيادة وتحكم. الرادار هو رادار ثلاثي الأبعاد يعمل بنطاق X ومُدمج بمصفوفة مسح إلكتروني سلبي (PESA)، ويعتمد على تقنية من نظام S-400 الروسي، بمعدل دوران 40 دورة في الدقيقة، وتغطية ارتفاع 80 درجة، والقدرة على اكتشاف الأهداف في نطاق 100 كيلومتر وتتبع ما يصل إلى 40 هدفًا في وقت واحد. يستخدم النظام الاعتراضي مزيجًا من الملاحة بالقصور الذاتي، وتحديثات منتصف المسار عبر وصلة بيانات، وتوجيه الرادار النشط الطرفي. يصل صاروخ "الضرب القاتل" إلى سرعات تصل إلى 5 ماخ، ويمكنه العمل على ارتفاع أقصى يبلغ 20 كيلومترًا، ويبلغ مداه 50 كيلومترًا. بدأ تطوير النظام عام 2001، واكتمل تطوير "بلوك 1" عام 2011، و"بلوك 2" عام 2017. أما نسخة "بلوك 3"، المزودة برادار AESA ومدى أطول، فقد دخلت مرحلة التطوير عام 2024. يُدمج نظام KM-SAM في هيكل الدفاع الجوي والصاروخي ثلاثي الطبقات في كوريا الجنوبية، ويحل محل نظام MIM-23 Hawk القديم. ويصبح العراق ثالث دولة في المنطقة تحصل عليه بعد الإمارات العربية المتحدة عام 2022، والمملكة العربية السعودية في فبراير 2024.
يُمثل هذا الاتفاق لتصدير نظام "تشيونغونغ 2" أهم صفقة دفاع جوي للعراق منذ إعادة بناء قواته العسكرية بعد عام 2003، ويأتي بعد فترة من التنسيق الداخلي بين شركات الدفاع الكورية الجنوبية. وفقًا لتقارير صحفية، اختلف في البداية كلٌّ من شركة LIG Nex1، التي تُنتج النظام، ومجموعة Hanwha، التي تُورّد منصات الإطلاق والرادار والمركبات، حول جدول التسليم. أسفرت الاجتماعات التي عُقدت في الجمعية الوطنية في نوفمبر 2023 عن اتفاق مبدئي، تلاه مزيد من المناقشات بين شركة Hanwha Aerospace والمديرين التنفيذيين لشركة LIG Nex1 في أوائل عام 2025. واعتبارًا من يوليو 2025، أشار المسؤولون الكوريون الجنوبيون إلى أن عملية التفاوض تقترب من الاكتمال وأن عمليات التسليم الأولى ستُعطى الأولوية. تشمل الصفقة البالغة 2.8 مليار دولار أيضًا التدريب والبنية التحتية الداعمة. كما أكدت العراق أن هذا التسليم جزء من خطة استراتيجية أوسع أطلقتها وزارة الدفاع لبناء شبكة دفاع جوي متكاملة. يوضح مقطع فيديو على YouTube أصدرته الوزارة الأساس المنطقي وراء الاستحواذ على Cheongung-2، مشيرًا إلى ملاءمة النظام لاعتراض مجموعة من التهديدات الجوية وتوافقه مع استراتيجية حماية المجال الجوي العراقي.
تعكس الجهود الأخيرة التي بذلها العراق لاكتساب قدرات دفاع جوي جديدة تحولاً بعيدًا عن الاعتماد على الأنظمة الروسية، التي أصبح بعضها صعب الصيانة بشكل متزايد. وقد حصلت البلاد سابقًا على أنظمة بانتسير-إس1 من روسيا في عام 2014 ودرست أنظمة إس-300 أو إس-400 في السنوات اللاحقة، لكن هذه الاحتمالات تأثرت بالمخاوف بشأن الموثوقية وإمكانية فرض عقوبات أمريكية بموجب قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات (CAATSA). يواجه العراق أيضًا تحديات تشغيلية مع مروحيات Mi-17 الروسية القديمة، والتي يتم استبدالها الآن بـ 12 مروحية من طراز Airbus H225M Caracal. دفعت الصعوبات في تشغيل المعدات الروسية العراق نحو استراتيجية شراء أكثر تنوعًا، بما في ذلك الصفقات مع الولايات المتحدة والموردين الأوروبيين. في أبريل 2024، وقع العراق اتفاقيات مع الحكومة الأمريكية لأنظمة الطيران العسكري والدفاع الجوي. أُبرمت هذه العقود "التسليمية" بقيمة تقارب نصف مليار دولار خلال زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى واشنطن، حيث التقى أيضًا بالرئيس جو بايدن ووزير الدفاع لويد أوستن. وتضمنت الزيارة مناقشات حول تعزيز البنية التحتية العسكرية العراقية وتوسيع التعاون مع شركة جنرال ديناميكس لتوريد المركبات المدرعة.
سيتم دمج أنظمة Cheongung-II/KM-SAM Block II في شبكة متعددة الطبقات تضم العديد من الأنظمة الحالية. اعتبارًا من عام 2023، كان العراق يشغل 24 وحدة بانتسير-S1 روسية، وحوالي 100 نظام أفنجر أمريكي (AN/TWQ-1)، وأنظمة إيغلا-S السوفيتية المحمولة القديمة. لا تزال وحدات الدفاع الجوي القائمة على المدفعية تستخدم أنظمة قديمة مثل ZU-23-2 وS-60. على الرغم من أن نظام أفنجر متحرك وخفيف الوزن، إلا أنه يفتقر إلى الدروع ويُستخدم بشكل أساسي للدفاع النقطي ضد التهديدات التي تحلق على ارتفاع منخفض، بما في ذلك الطائرات بدون طيار. تم توسيع البنية التحتية للرادار في العراق بإدخال رادارات GM403 الفرنسية ونظام TPS-77 الأمريكي الصنع من شركة لوكهيد مارتن. كما وقعت وزارة الدفاع اتفاقيات لتسليم رادارات كورية جنوبية إضافية، تهدف إلى دعم المراقبة الجوية على ارتفاعات منخفضة ومتوسطة وعالية. ويتوقع المسؤولون العراقيون أن يؤدي دمج نظام تشيونغونغ-2 مع هذه الأنظمة الرادارية إلى تعزيز التغطية وقدرات الاعتراض بشكل كبير عبر المجال الجوي الوطني. ووفقًا للخفاجي، سيتم نشر أنظمة تشيونغونغ-2 للتعامل مع الأهداف الجوية، وستدعم الهيكل الأوسع لقيادة الدفاع الجوي العراقية.
وقد تأثرت خطة تحديث الدفاع الجوي بالتطورات الإقليمية الأخيرة، بما في ذلك تهديدات الطائرات بدون طيار والصواريخ من الدول المجاورة والجهات الفاعلة غير الحكومية. وقد ساهم الموقف العسكري الإيراني، بما في ذلك تحرك دبابات القتال الرئيسية كرار بالقرب من حدود خوزستان العراقية وهجوم صاروخي باليستي على إقليم كردستان في يناير 2024، في قرار بغداد بتسريع عملية الشراء. بالإضافة إلى ذلك، كشفت العمليات الجوية التركية في شمال العراق، والتي نُفذت ردًا على نشاط حزب العمال الكردستاني، عن حاجة العراق إلى كشف واعتراض جوي موثوق. منذ أكتوبر 2023، كانت المنشآت العسكرية الأمريكية في العراق وسوريا هدفًا لأكثر من عشرين هجومًا بطائرات مسيرة وصواريخ، مما أدى إلى سقوط ضحايا بين الأفراد الأمريكيين. اشتدت هذه الهجمات بعد أن جددت الولايات المتحدة دعمها لإسرائيل، مما دفع إلى إعادة تقييم الوضع الدفاعي في العراق. أوضح المسؤولون العراقيون أن حماية سيادة البلاد والحد من الوجود العسكري الأجنبي هما هدفان استراتيجيان للحكومة الحالية. في هذا السياق، يُنظر إلى تحديث الدفاع الجوي كجزء من جهد أوسع لتخفيف الاعتماد على القوات الأجنبية للأمن الجوي.
كما جاء الدعم الإقليمي لتحديث الدفاع العراقي من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وكلاهما لديه شراكات دفاعية مع كوريا الجنوبية، وقد ساهم بشكل غير مباشر في استقرار الدفاع الجوي الإقليمي. استلمت الإمارات العربية المتحدة أنظمة صواريخ أرض-جو (M-SAM) وأجرت تدريبًا بالشراكة مع شركات كورية جنوبية، بينما يعكس عقد المملكة العربية السعودية بقيمة 3.2 مليار دولار أمريكي لعشر بطاريات صواريخ أرض-جو من طراز KM-SAM Block II اتجاهًا مشتركًا في عمليات الشراء عبر الخليج. كما تهدف هذه الدول إلى تقليل الاعتماد على موردي الدفاع الغربيين من خلال توسيع قدرات التصنيع المحلية في إطار برامج مثل رؤية المملكة العربية السعودية 2030. ويتماشى شراء العراق للنظام نفسه مع التوجهات الأوسع في الشرق الأوسط، وقد يفتح فرصًا لشراكات تدريبية ولوجستية مع هذه الجهات الإقليمية الفاعلة. وقد دعمت كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية العراق من خلال برامج تدريبية ونقل التكنولوجيا العسكرية، لا سيما في مجالات مثل تشغيل الرادار وإدارة المجال الجوي.